الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما العيوب التي يشترك فيها الرجل والمرأة وهي ثلاثة :

                                                                                                                                            أحدها : الجنون ، وهو زوال العقل الذي يكون معه تأدية حق سواء خيف منه أم لا ، وهو ضربان : مطبق لا يتخلله إفاقة ، وغير مطبق يتخلله إفاقة فيجن تارة ويفيق أخرى ، وكلاهما سواء ، وفيهما الخيار سواء قل زمان الجنون أو كثر : لأن قليله يمنع من تأدية الحق في زمانه ، ولأن قليله كثيرا ، وسواء كان ذلك بالزوج أو بالزوجة .

                                                                                                                                            فأما الإغماء : فهو زوال العقل بمرض ، فلا خيار فيه كالمرض ، وأنه عارض يرجى زواله ، وأنه قد يجوز حدوث مثله بالأنبياء الذي لا يحدث بهم جنون ، فإن زال المرض فلم يزل معه الإغماء صار حينئذ جنونا يثبت فيه الخيار .

                                                                                                                                            وأما البله : فهو غلبة السلامة فيكون الأبله سليم الصدر ضعيف العزم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها بلها " ، يعني الذين غلبت السلامة على صدورهم ، ومنه قول الشاعر :


                                                                                                                                            ولقد لهوت بطفلة ميالة بلهاء تطلعني على أسرارها

                                                                                                                                            [ ص: 342 ] فلا خيار في البله : لأن الاستمتاع كامل ، وكذلك لا خيار في الحمق وقلة الضبط : لكمال الاستمتاع معهما ، وإنما يؤثر فيما سواه من تدبير المنزل وتربية الولد ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تسترضعوا الحمقى فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع " .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية