مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " ولو ، حبس حتى يختار ، وأنفق عليهن من ماله : لأنه مانع لهن بعقد متقدم ، ولا يطلق عليه السلطان كما يطلق على المولي ، فإن امتنع مع الحبس ، عزر وحبس حتى يختار ، وإن مات ، أمرناهن أن يعتددن الآخر من أربعة أشهر وعشر ، أو من ثلاث حيض ، ويوقف لهن الميراث حتى يصطلحن فيه " . أسلمن معه ، فقال : لا أختار
قال الماوردي : وصورتها في ، فعليه أن يختار منهن أربعا : لئلا يصير جامعا بين ثمان ، فإن توقف عن الاختيار ، سأله الحاكم عن توقفه وأمره بتعجيل اختياره : لأن لا يستديم ما حظره الشرع في الجمع ، فإن سأل إنظاره ليفكر في اختياره ويرتئي في أحظهن له ، أنظره ما قل من الزمان الذي يصح فيه فكره ، وهل يجوز أن يبلغ بإنظاره ثلاثة أيام أم لا ؟ على قولين ، كالإنظار للمولي والمرتد ، فإذا اختار بعد الإنظار ، فهو مخير بين أن يختار أربعا ، فيكون اختياره لهن فسخا لمن عداهن ، وبين أن يفسخ نكاح أربع ، فيكون فسخه اختيارا لنكاح من عداهن ، إلا أن يكون الباقيات بعد فسخ نكاح الأربع أكثر من أربع كأنهن عشر ، فيحتاج بعد فسخ الأربع أن يختار من الست أربعا ، أو يفسخ منهن نكاح اثنين ، فيثبت نكاح الأربع . مشرك أسلم وأسلم معه ثماني زوجات
واختياره وفسخه بالقول ، فاختياره قولا أن يقول : قد اخترت نكاحها ، أو قد اخترت إمساكها ، أو قد اخترت حبسها ، فإن قال : قد اخترتها ، صح ، فكذلك لو قال : قد أمسكتها : لأن الله تعالى يقول : فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان [ البقرة : 229 ] لغيلان : " أمسك أربعا " وإن قال : قد حبستها لم يصح اختياره : لاحتماله ، ولأن الشرع لم يأت به ، وإن قال : قد ردتها لم يصح اختيارها لاحتمال أن يكون [ ص: 284 ] ردها إلى أهلها ، أو ردها إلى نفسه ، فلو أراد به الاختيار لم يصح : لأن الاختيار يجري مجرى عقد النكاح الذي لا يصح إلا بالتصريح دون الكناية . وقال النبي صلى الله عليه وسلم
وفسخه قولان : أن يقول : قد فسخت نكاحها ، أو قد رفعت نكاحها ، أو قد أنزلت نكاحها ، فكل ذلك فسخ صريح : لأنها ألفاظ مشتركة المعاني ، ولو قال قد صرفتها أو أبعدتها كان كناية يرجع إلى إرادته فيه ، فإن أراد به الفسخ صح : لأن ، فلو قال قد حرمتها كان كناية يحتمل الفسخ ، ويحتمل الطلاق ، فإن أراد به الطلاق كان اختيارا ، وإن أراد به الفسخ كان فسخا ، وإن لم يكن له إرادة لم يكن طلاقا ، وهل يكون فسخا أم لا ؟ على وجهين : الفسخ يجري مجرى الطلاق الذي صح بالتصريح وبالكناية
أحدهما : يكون فسخا : لأن المفسوخ نكاحها محرمة .
والوجه الثاني : لا يكون فسخا لأمرين :
أحدهما : أن . الكناية إذا تجردت عن نية لم يتعلق بها حكم
والثاني : أنه حكم ثبت بعد الفسخ ، فاقتضى أن يتقدمه ما يقع به الفسخ ، فلو قال : قد فارقتها كان فسخا ، ولو قال : قد طلقتها كان اختيارا .
والفرق بينهما - وإن كانا صريحين في طلاق الزوجات - أن الطلاق لا يقع إلا على زوجة ، فلذلك جعلنه اختيارا ، والفراق قد يقع على زوجته ، فيكون طلاقا ، وعلى غير زوجته ، فيكون إبعادا ، فلذلك جعل فسخا ، فلو قال : أردت بالفراق الطلاق ، قبل منه وصار اختيارا وطلاقا ، ولو قال : أردت بالطلاق الفسخ لم يقبل منه : لأن ، والفسخ لا يكون هاهنا إلا بغير زوجته ، فأما إذا قال : قد سرحتها ، كان كالفراق فسخا : لأنه أشبه بمعناه ، فإن أراد به الطلاق صار اختيارا كالفراق ، فأما إذا ظاهر منها ، أو آلى ، لم تكن اختيارا ولا فسخا : لأن الظهار والإيلاء قد تخاطب به الزوجة وغير الزوجة ، وإن لم يستقر حكمها إلا في زوجته ، وإذا لم يكن الظهار في الحال اختيارا ولا فسخا ، نظر في التي ظاهر منها وآلى : فإن اختار فسخ نكاحها سقط حكم ظهاره وإيلائه ، وإن اختار جنس نكاحها ثبت ظهاره وإيلاؤه منها : لأنها كانت زوجته وقت ظهاره وإيلائه . الطلاق لا يصح إلا على زوجته