الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقررت هذه المقدمة ، وأن تحريم الجمع يختص به ذوات المحارم من نسب أو رضاع كالأخوات والعمات والخالات ، فنكح الرجل أختين أو امرأة وخالتها وعمتها ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه يعقد عليهما معا في عقد واحد ، فنكاحهما باطل : لأنه لما حرم الجمع بينهما ، ولم يتعين المختصة بالصحة منهما ، وجب بطلان العقد عليهما : لتساويهما ، وسواء دخل بأحدها أو لم يدخل ، وهو بالخيار بين أن يستأنف العقد على أيهما شاء ، فإن عقد على التي دخل بها سقط ما عليها من عدة إصابته ، وإن عقد على غير المدخول بها صح عقده ، ويستبيح أن يمسك عن إصابتها حتى تنقضي عدة أختها من إصابته لئلا يجتمع ماؤه في أختين .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يعقد عليهما ثانية بعد أولى ، فنكاح الأولى ثابت ، ونكاح الثانية باطل : لاستقرار العقد على الأولى قبل الجمع ، فلو شك في أيتهما نكح أولا ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يطرأ الشك بعد تقدم اليقين فنكاحهما موقوف ، وإحداهما زوجة مجهولة العين والأخرى أجنبية ، وكل واحدة منهما ممنوعة منه ومن غيره من الأزواج حتى يبين أمرها ، فإن صرح بطلاق إحداهما حلت لغيره ، وكان تحريمها عليه بحالة ، والأخرى على التحريم ، فإن استأنف عليها عقدا حلت له .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون الشك مع ابتداء العقد لم يتقدمه يقين ، فنكاحها باطل لا يوقف على البيان لعدمه ، وهل يفتقر بطلانه إلى فسخ الحاكم أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يفتقر ويكون الإشكال والاشتباه باطلا : لأن ما لم يتميز إباحته من الحظر غلب عليه حكم الحظر .

                                                                                                                                            [ ص: 206 ] والوجه الثاني : أنه لا ينفسخ إلا بحكم حاكم : لأن العلم محيط بأن فيهما زوجة ، فلم يكن الجهل بها موجبا لفسخ نكاحها حتى يتولاه من له مدخل في فسخ النكاح ، وهو الحاكم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية