الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الشرط الثاني : وهو تعيين اللفظ الذي ينعقد به النكاح ، فلفظتان لا ينعقد النكاح إلا بهما وهما النكاح ، والتزويج : لأن كتاب الله تعالى قد جاء بهما .

                                                                                                                                            أما النكاح فبقوله سبحانه : فانكحوا ما طاب لكم من النساء [ النساء : 3 ] .

                                                                                                                                            وأما التزويج بقوله سبحانه : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها [ الأحزاب : 37 ] .

                                                                                                                                            لأن معناهما في اللغة متشابهان .

                                                                                                                                            أما التزويج : فهو ضم شكل إلى شكل ، ومنه قولهم : أحد زوجي الخف ، وأحد زوجي الحمام ، إذا أريد واحد من اثنين متشاكلين ، فإن أريدا معا قيل زوج الخف ، وزوج الحمام .

                                                                                                                                            وأما النكاح ففيه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه كالتزويج : ضم شكل إلى شكل ، ومنه كقولهم : أنكحنا الفراء فسوف ترى ، أي جمعنا بين الحمار الوحش وإيتانه فسترى ما يولد منهما .

                                                                                                                                            قال عمر بن أبي ربيعة :


                                                                                                                                            أيها المنكح الثريا سهيلا عمرك الله ، كيف يلتقيان     هي شامية إذا ما استقلت
                                                                                                                                            وسهيل إذا استقل يمان

                                                                                                                                            أي لما لم يكن أن يجتمعا لم يجز أن يتناكحا .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه لزوم شيء ، ومنه قول ابن الماجشون استنكحه المدني ، أي لزمه ، فسمي النكاح نكاحا للزوم أحد الزوجين لصاحبه ، وليس في معنى هاتين اللفظتين غيرهما ، فصار تعليلهما غير متعد للنص عليهما ، وإذا كان كذلك فالولي والزوج مخيران في أن يعقداه بلفظ التزويج ، فيقول الولي : قد زوجتك ، ويقول الزوج : قد قبلت تزويجها ، أو يعقداه بلفظ النكاح فيقول الولي : قد أنكحتك ، ويقول الزوج : قد قبلت نكاحها ، أو يعقده أحدهما بلفظ النكاح والآخر بلفظ التزويج ، فيقول الولي : قد زوجتك ، ويقول الزوج : قد قبلت نكاحها ، فيكون العقد بأي هذه الألفاظ عقدا صحيحا .

                                                                                                                                            [ ص: 159 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية