فصل : فإذا تقرر توجيه القولين ، فإن قلنا بالأول ، فإن النكاح باطل ، فإن لم يكن الزوج قد دخل بها ، فرق بينهما ولا شيء عليه . وإن كان قد دخل بها ، فرق بينهما وعليه مهر مثلها : لمكان الشبهة ، ولا حد عليه ، والولد لاحق به . وإن قلنا بالقول الثاني : إن النكاح جائز فكان قد شرطته حرا فكان عبدا ، فلها الخيار في فسخ نكاحه ، سواء كانت حرة أو أمة : لنقصه في النكاح عن أحكام الحر : لأن استمتاعها به غير تام لخدمة سيده ، ونفقته نفقة معتبر لأجل رقه ، فإن أقامت على نكاحه ، فلها المسمى ، وإن فسخت ولم يدخل بها فلا مهر لها ، وإن دخل بها فعليه مهر المثل بالإصابة دون المسمى في العقد . فهذا حكم غروره لها بالحرية ، فأما إذا غرها بالنسب ، فشرط لها أنه شريف النسب هاشمي ، أو قرشي ، فبان أنه أعجمي أو نبطي ، نظر في نسبهما : فإن كانت شريفة مثل النسب الذي شرطته ، فلها الخيار في فسخ نكاحه ، ثم الكلام [ ص: 142 ] في المهر إن أقامت أو فسخت على ما مضى . وإن كان دون النسب الذي شرطته ومثل النسب الذي هي عليه أو دونه ، فهل لها الخيار في فسخ نكاحه أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : لها الخيار لمكان الشرط ، وأن لها عوضا في كون ولدها إذا نسب شريفا .
والوجه الثاني : لا خيار لها : لأن خيارها يثبت بدخول النقص عليها ، وهذا كفء في النسب ، فلم يدخل عليها به نقص ، فلم يثبت لها فيه خيار .
فأما إذا غرها بما سوى ذلك من الشروط ، نظر : فإن بان أنه على مما شرط ، فلا خيار لها : لأن الخيار إنما يستحق بالنقصان دون الزيادة ، وإن بان أنه أنقص مما شرط ، ففي خيارها وجهان :
أحدهما : لها الخيار لأجل الشرط .
والوجه الثاني : لا خيار : لأن النقصان لا يمنع من مقصود العقد .
قال الشافعي : " وقد ظلم نفسه من شرط هذا " فاختلف أصحابنا في تأويله فقال " من أسقط خيارها : معناه أنها ظلمت نفسها باشتراط ما لم يثبت لها فيه خيار ، وقد تستغني بالمشاهدة عن اشتراطه ، وقال : " من أثبت خيارها " أنه محمول على الشروط الناقصة ، وأنها ظلمت نفسها بما شرطته من نقصان أحواله وأوصافه .