الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإن اتفقا على أن نكحها فعلى ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن ينكحها على صداق معلوم معين أو في الذمة ، فالنكاح بلا صداق جائز وله عليها قيمتها ، ولها عليه صداقها ، فإن كان الصداق معينا لم يجز أن يكون قصاصا ، وكذلك لو كان في الذمة من غير جنس القيمة لم يكن قصاصا أيضا ، وإن كان في الذمة من جنس القيمة فهل يكون قصاصا أم لا ؟ على ما ذكرنا من الأقاويل الأربعة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن ينكحها على أن يكون عتقها صداقها ، والنكاح جائز ، والصداق باطل .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : الصداق جائز . وهذا خطأ : لأن العتق ليس بمال ولا عمل يعتاض عليه بمال [ ص: 87 ] فلم يجز أن يكون صداقا ، وصح النكاح : لأن بطلان الصداق لا يوجب فساد النكاح ، فتكون لها عليه مهر مثلها ، كما لو تزوجها على صداق فاسد من حرام أو مجهول ، ويكون له عليها قيمتها ، فإن كانت القيمة مهر المثل من جنسين مختلفين لم يكونا قصاصا ، وإن كانا من جنس واحد فهل يكونا قصاصا أم لا ؟ على ما ذكرنا من الأقاويل .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن ينكحها على أن تكون قيمتها صداقا ، فهذا على ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكونا عالمين بقدر القيمة فيكون النكاح والصداق جائزين : لأنه تزوجها على معلوم في ذمتها ، فعاد كما لو تزوجها على دين في ذمتها من ثمن أو قرض ، وتبرأ من قيمتها بالصداق ، ويبرأ من صداقها بالقيمة .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكونا جاهلين بقدر القيمة أو أحدها ، فالنكاح جائز ، وفي بطلان الصداق قولان :

                                                                                                                                            أحدهما - وهو قوله في الجديد ، واختاره المزني ، وأبو إسحاق المروزي - : أن الصداق باطل : لأن الجهالة تمنع من صحته ، كما لو تزوجها على عقد غير موصوف ولا معين .

                                                                                                                                            والقول الثاني - قاله في القديم ، واختاره أبو علي بن خيران ، وأبو علي بن أبي هريرة - : أن الصداق جائز : بناء على قوله في القديم : أن الصداق المعين إذا بطل وجب الرجوع بقيمته لا بمهر المثل ، فتصح هاهنا : لأن قيمة الصداق هي القيمة المستحقة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية