الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإن كان قد دخل بها قبل ابتياعها له ، فقد استقر لها الصداق كاملا بالدخول على الزوج ، قد ملكته فصار عبدا لها ، قبل تبرؤ الزوج منه بحدوث ملكها أم لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : قد برئ منه : لأن السيد لا يصح أن يثبت له في ذمة عبده مال فعلى هذا قد برئ السيد من ضمانه لبراءة المضمون عنه ، وللسيد مطالبتها بالألف الذي هو ثمن .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن الزوج لا يبرأ من صداقها ، وإن صار عبدا لها لاستقراره عليه قبل ملكها له ، فلم يسقط إلا بأداء أو إبراء ، وإن صار لها عبدا ، وإنما لا يثبت لها ابتداء في ذمته مال بعد أن صار لها عبدا ، فإما أن يكون الحق ثابتا فلا يمتنع أن يكون بعد الملك باقيا ، فعلى هذا لها على السيد الألف الذي هي صداقها ، وللسيد عليها الألف التي هي ثمن زوجها ، فإن كانت الألفان من نقدين مختلفين لم يصر قصاصا ، وكان عليها أن تؤدي إلى السيد الألف التي هي ثمن زوجها وعلى السيد أن يؤدي إليها الألف التي هي صداقها .

                                                                                                                                            فإن قال كل واحد منهما لا أدفع ما علي حتى أقبض ما لي لم يكن ذلك له : لأنه لا تعلق لأحد المالين بالآخر ، فأيهما بدأ بالمطالبة قضي له على صاحبه بالدفع فإن تبارءا من [ ص: 83 ] الألفين صح الإبراء ، فلو قال كل واحد منهما لصاحبه : قد أبرأتك إن أبرأتني ، لم يصح لما فيه من تقييد البراءة بشرط ، ولو قال : قد أبرأتك فأبرئني ، فهو مبرئ من حقه بغير شرط ، فصحت براءته ، وطلب إلى الآخر أن يبرئه وكان بالخيار بين أن يبرئه أو لا يبرئه ، وإن كانت الألفان من نقد واحد لا يختلف ، فكانت الألف الثمن من جنس الألف الصداق ، وعلى صفتها ، فهل يصير ذلك قصاصا أم لا ؟ على أربعة أقاويل :

                                                                                                                                            أحدها : أن يصير قصاصا اختارا أو لم يختارا ، فعلى هذا قد برئ كل واحد منهما من حق صاحبه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أن يصير قصاصا إن اختارا أو أحدهما ، ولا تصير قصاصا إن لم يختر واحد منهما .

                                                                                                                                            والثالث : أنه يصير قصاصا إن اختاراه معا ، ولا يكون قصاصا إن اختاره أحدهما .

                                                                                                                                            والرابع : - وهو مخرج - : أن لا يصير قصاصا بحال وإن اختاراه ، وعلى كل واحد منهما أن يؤتي إلى صاحبه ماله ويستوفي منه ما عليه .

                                                                                                                                            ووجه هذه الأقاويل يذكر في موضعه من كتاب المكاتب إن شاء الله .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية