[ ص: 31 ] nindex.php?page=treesubj&link=10800الترغيب في النكاح وغيره من الجامع
ومن كتاب النكاح جديد وقديم ، ومن الإملاء على مسائل
مالك
قال
الشافعي - رحمه الله - : " وأحب
nindex.php?page=treesubj&link=10799_10800للرجل والمرأة أن يتزوجا إذا تاقت أنفسهما إليه : لأن الله تعالى أمر به ورضيه ، وندب إليه ، وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط . وأنه قال :
من أحب فطرتي فليستن بسنتي ومن سنتي النكاح ، ويقال : إن الرجل ليرفع بدعاء ولده من بعده " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال
nindex.php?page=treesubj&link=10790النكاح مباح وليس بواجب .
وقال
داود : النكاح واجب استدلالا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=10789_28975فانكحوا ما طاب لكم من النساء [ النساء : 3 ] وهذا أمر ، وبقوله عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923834تناكحوا تكثروا قال : ولأنه إجماع بقول صحابيين لم يظهر خلافهما :
أحدهما : قول
عمر لأبي الزوائد : لا يمنعك من النكاح إلا عجز أو فجور .
والثاني : قول
معاذ في مرضه : زوجوني لا ألقى الله عزبا . لأن في النكاح من تحصين النفس مثل ما في الغذاء ، فلما لزم تحصينها بالغذاء ، لزم تحصينها بالنكاح ، ولأنه لما لزمه إعفاف أبيه كان إعفاف نفسه أولى .
ودليلنا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم [ النساء : 3 ] ومنه دليلان :
أحدهما : أنه علق بطيب النفس ، ولو كان لازما واجبا للزم بكل حال .
والثاني : قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم فخيره بين النكاح وملك اليمين ، والتخيير بين أمرين يقتضي تساوي حكمهما ، فلما كان ملك اليمين ليس بواجب ، كان النكاح بمثابته ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خير لكم فأباح
nindex.php?page=treesubj&link=25800_21788نكاح الأمة لمن خشي الزنا ، وجعل الصبر خيرا له ، ولو كان واجبا لكان الصبر شرا له .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
خياركم بعد المائتين كل خفيف حاذ ، قيل : ومن الخفيف الحاذ ، قال : الذي لا أهل له ولا ولد .
[ ص: 32 ] وروي عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
الصبر عن النساء خير من الصبر عليهن ، والصبر عليهن خير من الصبر على النار .
وروي عنه صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :
مسكين مسكين رجل لا امرأة له ، ومسكينة مسكينة امرأة لا رجل لها . فأخرج ذلك مخرج الرحمة ، وتارك الواجب لا يرحم ، ولأنه لما لم يجب مقصود النكاح وهو الوطء ، كان النكاح بأن لا يجب أولى ، ولأنه ليس في النكاح أكثر من نيل شهوة وإدراك لذة ، وليس ذلك بواجب كسائر الشهوات ، ولأنه لو وجب عليه قطع شهوته بالنكاح لوجب قطعها عند العجز عنه بما قام مقامه من دواء وعلاج ، ولأن ما دعت إليه الشهوات خارج من جملة الواجبات : لأن من صفات الواجبات تكلف المشاق فيها وتحمل الأثقال لها ، فأما الآية فقد جعلناها دليلا .
وأما الخبر فهو أمر بالنكاح للمكاثرة بالأولاد : لأنه قال
تناكحوا تكثروا فإني أباهي بكم الأمم حتى بالسقط وليست المكاثرة واجبة ، وكذلك ما جعل طريقا إليها .
أما قوله : أن فيه تحصين النفس ، فإنما يجب من تحصين النفس ما خيف منه التلف ، وليس في ترك النكاح خوف التلف .
وأما قوله لما لزمه إعفاف أبيه لزمه إعفاف نفسه ، فقد كان
أبو علي بن خيران يقول : إن إعفاف أمته لا يجب عليه كما لا يجب عليه إعفاف ابنه . وظاهر المذهب وجوبه ، ولا يجب عليه في نفسه كما يلزمه في حق أبيه القيام بكفايته من القوت والكسوة ، ولا يلزمه ذلك في حق نفسه ، فكذلك النكاح .
فأما قول
عمر لأبي الزوائد : ما منعك من النكاح إلا عجز أو فجور ، فهو على طريق الترغيب دون الوجوب ، ولو كان واجبا لزمه .
وأما قول
معاذ : زوجوني لا ألقى الله عزبا ، فقد قيل : إنه كان ذا أولاد ، ويجوز أن يكون اختار ذلك ندبا .
[ ص: 31 ] nindex.php?page=treesubj&link=10800التَّرْغِيبُ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْجَامِعِ
وَمِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ جَدِيدٍ وَقَدِيمٍ ، وَمِنَ الْإِمْلَاءِ عَلَى مَسَائِلِ
مَالِكٍ
قَالَ
الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : " وَأُحِبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=10799_10800لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَا إِذَا تَاقَتْ أَنْفُسُهُمَا إِلَيْهِ : لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِهِ وَرَضِيَهُ ، وَنَدَبَ إِلَيْهِ ، وَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ . وَأَنَّهُ قَالَ :
مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ ، وَيُقَالُ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيُرْفَعُ بِدَعَاءِ وَلَدِهِ مِنْ بَعْدِهِ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ
nindex.php?page=treesubj&link=10790النِّكَاحُ مُبَاحٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ .
وَقَالَ
دَاوُدُ : النِّكَاحُ وَاجِبٌ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=10789_28975فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [ النِّسَاءِ : 3 ] وَهَذَا أَمْرٌ ، وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923834تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا قَالَ : وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعٌ بِقَوْلِ صَحَابِيَّيْنِ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُمَا :
أَحَدُهُمَا : قَوْلُ
عُمَرَ لِأَبِي الزَّوَائِدِ : لَا يَمْنَعُكَ مِنَ النِّكَاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ .
وَالثَّانِي : قَوْلُ
مُعَاذٍ فِي مَرَضِهِ : زَوِّجُونِي لَا أَلْقَى اللَّهَ عَزَبًا . لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ مِنْ تَحْصِينِ النَّفْسِ مِثْلَ مَا فِي الْغِذَاءِ ، فَلَمَّا لَزِمَ تَحْصِينُهَا بِالْغِذَاءِ ، لَزِمَ تَحْصِينُهَا بِالنِّكَاحِ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَزِمَهُ إِعْفَافُ أَبِيهِ كَانَ إِعْفَافُ نَفْسِهِ أَوْلَى .
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [ النِّسَاءِ : 3 ] وَمِنْهُ دَلِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ عُلِّقَ بِطِيبِ النَّفْسِ ، وَلَوْ كَانَ لَازِمًا وَاجِبًا لَلَزِمَ بِكُلِّ حَالٍ .
وَالثَّانِي : قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=3فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ يَقْتَضِي تَسَاوِي حُكْمِهِمَا ، فَلَمَّا كَانَ مِلْكُ الْيَمِينِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، كَانَ النِّكَاحُ بِمَثَابَتِهِ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=25ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ فَأَبَاحَ
nindex.php?page=treesubj&link=25800_21788نِكَاحَ الْأَمَةِ لِمَنْ خَشِيَ الزِّنَا ، وَجَعَلَ الصَّبْرَ خَيْرًا لَهُ ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَكَانَ الصَّبْرُ شَرًّا لَهُ .
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
خِيَارُكُمْ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ كُلُّ خَفِيفٍ حَاذٍّ ، قِيلَ : وَمَنِ الْخَفِيفُ الْحَاذُّ ، قَالَ : الَّذِي لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدَ .
[ ص: 32 ] وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
الصَّبْرُ عَنِ النِّسَاءِ خَيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ عَلَيْهِنَّ ، وَالصَّبْرُ عَلَيْهِنَّ خَيْرٌ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى النَّارِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ :
مِسْكِينٌ مِسْكِينٌ رَجُلٌ لَا امْرَأَةَ لَهُ ، وَمِسْكِينَةٌ مِسْكِينَةٌ امْرَأَةٌ لَا رَجُلَ لَهَا . فَأَخْرَجَ ذَلِكَ مَخْرَجَ الرَّحْمَةِ ، وَتَارِكُ الْوَاجِبِ لَا يَرْحَمُ ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجِبْ مَقْصُودُ النِّكَاحِ وَهُوَ الْوَطْءُ ، كَانَ النِّكَاحُ بِأَنْ لَا يَجِبَ أَوْلَى ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْ نَيْلِ شَهْوَةٍ وَإِدْرَاكِ لَذَّةٍ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ كَسَائِرِ الشَّهَوَاتِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ قَطْعُ شَهْوَتِهِ بِالنِّكَاحِ لَوَجَبَ قَطْعُهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ بِمَا قَامَ مَقَامَهُ مِنْ دَوَاءٍ وَعِلَاجٍ ، وَلِأَنَّ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الشَّهَوَاتُ خَارِجٌ مِنْ جُمْلَةِ الْوَاجِبَاتِ : لِأَنَّ مِنْ صِفَاتِ الْوَاجِبَاتِ تَكَلَّفُ الْمَشَاقِّ فِيهَا وَتَحَمَّلُ الْأَثْقَالِ لَهَا ، فَأَمَّا الْآيَةُ فَقَدْ جَعَلْنَاهَا دَلِيلًا .
وَأَمَّا الْخَبَرُ فَهُوَ أَمْرٌ بِالنِّكَاحِ لِلْمُكَاثَرَةِ بِالْأَوْلَادِ : لِأَنَّهُ قَالَ
تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا فَإِنِّي أُبَاهِي بِكُمُ الْأُمَمَ حَتَّى بِالسَّقْطِ وَلَيْسَتِ الْمُكَاثَرَةُ وَاجِبَةً ، وَكَذَلِكَ مَا جُعِلَ طَرِيقًا إِلَيْهَا .
أَمَّا قَوْلُهُ : أَنَّ فِيهِ تَحْصِينَ النَّفْسِ ، فَإِنَّمَا يَجِبُ مِنْ تَحْصِينِ النَّفْسِ مَا خِيفَ مِنْهُ التَّلَفُ ، وَلَيْسَ فِي تَرْكِ النِّكَاحِ خَوْفُ التَّلَفِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ لَمَّا لَزِمَهُ إِعْفَافُ أَبِيهِ لَزِمَهُ إِعْفَافُ نَفْسِهِ ، فَقَدْ كَانَ
أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ يَقُولُ : إِنَّ إِعْفَافَ أَمَتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إِعْفَافُ ابْنِهِ . وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهُ ، وَلَا يَجُبْ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ فِي حَقِّ أَبِيهِ الْقِيَامُ بِكِفَايَتِهِ مِنَ الْقُوتِ وَالْكِسْوَةِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ، فَكَذَلِكَ النِّكَاحُ .
فَأَمَّا قَوْلُ
عُمَرَ لِأَبِي الزَّوَائِدِ : مَا مَنَعَكَ مِنَ النِّكَاحِ إِلَّا عَجْزٌ أَوْ فُجُورٌ ، فَهُوَ عَلَى طَرِيقِ التَّرْغِيبِ دُونَ الْوُجُوبِ ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَزِمَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُ
مُعَاذٍ : زَوِّجُونِي لَا أَلْقَى اللَّهَ عَزَبًا ، فَقَدْ قِيلَ : إِنَّهُ كَانَ ذَا أَوْلَادٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اخْتَارَ ذَلِكَ نَدْبًا .