الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " والصدقة هي الزكاة والأغلب على أفواه العامة أن للثمر عشرا وللماشية صدقة وللورق زكاة ، وقد سمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا كله صدقة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، قد كان الشافعي يرى في القديم : أن المأخوذ من الزرع [ ص: 476 ] والثمر يسمى عشرا ، والمأخوذ من الماشية يسمى صدقة ، والمأخوذ من الذهب والورق يسمى زكاة ، ولا يجعل لاختلاف الأسماء تأثيرا في اختلاف الأحكام .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : هي مختلفة الأسماء على ما ذكرنا ، واختلاف الأسماء يدل على اختلاف الأحكام ؛ فخص المأخوذ من الزرع والثمر باسم العشر دون الصدقة والزكاة ، وجعل حكمه مخالفا لحكم الصدقة والزكاة من وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : وجوب العشر في مال المكاتب والذمي ، وإن لم يجب في مالهما صدقة ولا زكاة .

                                                                                                                                            والثاني : جواز مصرف العشر في أهل الفيء وإن لم تصرف فيهم صدقة ولا زكاة .

                                                                                                                                            وقال الشافعي في الجديد : الأسماء مشتركة والأحكام متساوية ، وإن المأخوذ من الزرع والثمر يجوز أن يسمى صدقة وزكاة ، أما تسميته بالصدقة فلقوله - صلى الله عليه وسلم - : فما دون خمسة أوسق من التمر صدقة ، وأما تسميته زكاة فلقوله - صلى الله عليه وسلم - في الكرم : يخرص كما يخرص النخل ثم تؤدى زكاته زبيبا كما تؤدى زكاة النخل ثمرا . وإذا ثبت أن الأسماء مشتركة ثبت أن الأحكام متساوية ؛ ولأنه لما ثبت ذلك في مال المسلم ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليس في المال حق سوى الزكاة لما ثبت أنه زكاة ؛ ولأن كل ما كان طهرة للمسلم في ماله كان زكاة لماله كالزكاة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية