فصل : وإذا قيل بالقول الجديد : إن
nindex.php?page=treesubj&link=3088دفع الزكاة إلى الإمام ليس بواجب ، وإن تفريق أرباب الأموال لها جائز ، فإن كان الإمام جائرا لم يجز دفعها إليه ، وإن كان عادلا كان رب المال بالخيار في زكاة ماليه الظاهر والباطن بين دفعها إلى الإمام ، أو تفريقها بنفسه . فإن أراد دفعها إلى الإمام كان بالخيار بين أن يسلمها إلى الإمام وهو أفضل ، أو إلى عامله وإن أراد تفريقها بنفسه كان بالخيار أن يتولاها بنفسه وهو أفضل أو بوكيله .
فإن قيل : فما أفضل الأمرين ، أن يدفع زكاة ماله إلى الإمام ، أو تفريقها بنفسه ؟
قيل : إن كان ماله ظاهرا فدفع زكاته إلى الإمام أفضل ؛ لما فيه من إظهار الطاعة بأن يقتدي به الجماعة ، وإن كان ماله باطنا فتفرده بإخراج زكاته أفضل من دفعها إلى الإمام ؛ لما قد استقر عليه فعل الأئمة الراشدين من إقرار أرباب الأموال على إخراجها ، ولتكون مباشرة التأدية ما لزمه من حقها وليخص أقاربه وذوي رحمه بها .
فإن قيل :
nindex.php?page=treesubj&link=3086_3087فأي الأمرين أفضل في تفريق الزكاة أن تخفى أو تبدى ؟
قيل : إن كان الإمام هو المفرق لها فإبداؤها أفضل من إخفائها ، سواء كانت زكاة مال ظاهر أو باطن : لأنه ثابت فيها ، فكان إظهار إخراجها أفضل له من إخفائها وكتمها ، وإن كان المفرق لها رب المال ، فإن كانت زكاة مال ظاهر فالأفضل له إظهارها بالعدول أهل السهمان عن الإمام إليه ، وليعلم الإمام أنه قد أخرج ما عليه ، وإن كانت زكاة مال باطن فالأفضل له إخفاؤها إذا أخرجها من أن يجهر بها ، لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ، ولأن إخفاءه في حقه أبعد من الرياء وفي حق أهل السهمان أبعد من الاستحياء ، والله أعلم .
[ ص: 475 ]
فَصْلٌ : وَإِذَا قِيلَ بِالْقَوْلِ الْجَدِيدِ : إِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=3088دَفْعَ الزَّكَاةِ إِلَى الْإِمَامِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَإِنَّ تَفْرِيقَ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ لَهَا جَائِزٌ ، فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ جَائِرًا لَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إِلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ عَادِلًا كَانَ رَبُّ الْمَالِ بِالْخِيَارِ فِي زَكَاةِ مَالَيْهِ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ بَيْنَ دَفْعِهَا إِلَى الْإِمَامِ ، أَوْ تَفْرِيقِهَا بِنَفْسِهِ . فَإِنْ أَرَادَ دَفْعَهَا إِلَى الْإِمَامِ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا إِلَى الْإِمَامِ وَهُوَ أَفْضَلُ ، أَوْ إِلَى عَامِلِهِ وَإِنْ أَرَادَ تَفْرِيقَهَا بِنَفْسِهِ كَانَ بِالْخِيَارِ أَنْ يَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَوْ بِوَكِيلِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَمَا أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ ، أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إِلَى الْإِمَامِ ، أَوْ تَفْرِيقُهَا بِنَفْسِهِ ؟
قِيلَ : إِنْ كَانَ مَالُهُ ظَاهِرًا فَدَفَعَ زَكَاتَهُ إِلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ إِظْهَارِ الطَّاعَةِ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْجَمَاعَةُ ، وَإِنْ كَانَ مَالُهُ بَاطِنًا فَتَفَرُّدُهُ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا إِلَى الْإِمَامِ ؛ لِمَا قَدِ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَئِمَّةِ الرَّاشِدِينَ مِنْ إِقْرَارِ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ عَلَى إِخْرَاجِهَا ، وَلِتَكُونَ مُبَاشَرَةُ التَّأْدِيَةِ مَا لَزِمَهُ مِنْ حَقِّهَا وَلِيَخُصَّ أَقَارِبَهُ وَذَوِي رَحِمِهِ بِهَا .
فَإِنْ قِيلَ :
nindex.php?page=treesubj&link=3086_3087فَأَيُّ الْأَمْرَيْنِ أَفْضَلُ فِي تَفْرِيقِ الزَّكَاةِ أَنْ تُخْفَى أَوْ تُبْدَى ؟
قِيلَ : إِنْ كَانَ الْإِمَامُ هُوَ الْمُفَرِّقُ لَهَا فَإِبْدَاؤُهَا أَفْضَلُ مِنْ إِخْفَائِهَا ، سَوَاءً كَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ ظَاهِرٍ أَوْ بَاطِنٍ : لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِيهَا ، فَكَانَ إِظْهَارُ إِخْرَاجِهَا أَفْضَلَ لَهُ مِنْ إِخْفَائِهَا وَكَتْمِهَا ، وَإِنْ كَانَ الْمُفَرِّقُ لَهَا رَبَّ الْمَالِ ، فَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ ظَاهِرٍ فَالْأَفْضَلُ لَهُ إِظْهَارُهَا بِالْعُدُولِ أَهْلِ السُّهْمَانِ عَنِ الْإِمَامِ إِلَيْهِ ، وَلِيَعْلَمَ الْإِمَامُ أَنَّهُ قَدْ أَخْرَجَ مَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ زَكَاةَ مَالٍ بَاطِنٍ فَالْأَفْضَلُ لَهُ إِخْفَاؤُهَا إِذَا أَخْرَجَهَا مِنْ أَنْ يَجْهَرَ بِهَا ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=271وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ، وَلِأَنَّ إِخْفَاءَهُ فِي حَقِّهِ أَبْعَدُ مِنَ الرِّيَاءِ وَفِي حَقِّ أَهْلِ السُّهْمَانِ أَبْعَدُ مِنَ الِاسْتِحْيَاءِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
[ ص: 475 ]