فصل : فأما إذا قيل إن أربعة أخماس الفيء مصروف في وجوه المصالح العامة التي منها عطاء الجيش ، وجب بيان الفصلين في وقت العطاء وجنس المال المعطى .
فأما فإن كان مستحقا في دفعة واحدة جعل وقت العطاء في دفعة واحدة من السنة ، وينبغي أن يكون الوقت من السنة معلوما عند جميع أهل الفيء ليقدر إليه نفقاتهم ، يتوقعوا فيه أرزاقهم وينظرهم إليه تجارهم ، ويختار أن يكون في المحرم : لأنه أول السنة العربية ، فإذا حل وفاهم عطاء السنة بأسره . وإذا كان مال الفيء مستحقا في أوقات شتى من السنة ، جعل للعطاء وقتين وقسمه نصفين وأعطاهم بعد كل ستة [ ص: 446 ] أشهر نصفه . ولا يجب أن يجعل للعطاء في السنة أكثر من وقتين ، ولا أن يجعله مشاهرة وإن قبض مال الفيء مشاهرة لأمرين : وقت العطاء فهو معتبر بمال الفيء ،
أحدهما : لئلا يصير الجيش متشاغلا في كل السنة بالقبض والطلب .
والثاني : كيلا ينقطع عن الجهاد توقعا لحلول الشهور أو تتأخر عنهم إن خرجوا . فإن قيل : أفيكون العطاء لما مضى من المدة ، أو لما يستقبل منها ؟ قيل : ليس هو لما مضى ولا لما يستقبل : لأن أرزاق المقاتلة تجري مجرى الجعالة ، والوجوب متعلق بحصول المال ، والأداء مستحق بحلول الوقت . وعلى القول الأول يكون الوجوب والأداء معا متعلقين بحصول المال ، والله أعلم .