الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الحالة الأخرى وهي أن يكون الجيش مقيما والسرايا منه نافذة ففيها ثلاث مسائل :

                                                                                                                                            إحداها : أن ينفذ الإمام من جملة جيشه المقيم سرية فتغنم فتختص السرية بغنيمتها ولا يشركها الجيش المقيم سواء أسرت إلى موضع قريب أو بعيد : لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفذ السرايا من المدينة ، فلا يشركهم أهل المدينة ، ولأن الغنيمة للمجاهدين وليس المقيم مجاهدا .

                                                                                                                                            والمسألة الثانية : أن ينفذ الإمام من جملة جيشه المقيم سريتين إلى جهة واحدة في طريق واحد ، أو طريقين فتكون السريتان جيشا واحدا ، أيهما غنمت شاركتها الأخرى ولا يشاركهما الجيش المقيم لكونه غير مجاهد .

                                                                                                                                            والمسألة الثالثة : أن ينفذ الإمام من جملة الجيش المقيم سريتين إلى جهتين مختلفتين وقد أفرد كل سرية منهما بقائد ، فإن اجتمعت السريتان على جهة واحدة فهم شركاء في غنائمها دون الجيش المقيم ، وإن انفردت كل سرية بالجهة التي أنفذت إليها لن تشاركها الأخرى في غنائمها ولا يشارك الجيش واحدة منها : لأن كل واحدة من السريتين إذا اختصت بجهة لم تكن ردا للأخرى فصارت جيشا منفردا ، فلو انضم نفر من إحدى السريتين إلى الأخرى وغنموا شاركوها في غنائمهم ، لأنهم بالانضمام إليها قد صاروا من جملتها ، فإذا حاز النفر سهمهم منها فهل يشاركهم فيه باقي أصحابه من السرية الأخرى أو لا ؟ على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : يشاركونهم فيه : لأن جميعهم جيش واحد ، فعلى هذا لو كان باقي السرية غنمت شاركهم فيها النفر المنفرد عنهم .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن هؤلاء النفر يختصون بما أخذوا من السرية التي انضموا إليها : لأنهم لما صاروا من جملتها بالانضمام إليها خرجوا من جملة سريتهم بالانفراد عنها ، فعلى هذا لو أن الباقين من سريتهم غنموا لم يشاركوهم كما لم يردوا عليهم ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية