مسألة : قال الشافعي : " ولو ولو ضمن الدرهم " . أودع عشرة دراهم فأنفق منها درهما ، ثم رده فيها
قال الماوردي : قد ذكرنا أن في وجوب الضمان بكسر الختم وحل الشداد وجهان :
فأما إذا أودع دراهم غير مختومة ولا مشدودة فأخرج منها درهما لينفقه قد ضمنه وحده ولا يضمن غيره ، فإن رده بعينه ولم ينفقه لم يسقط عنه ضمانه ، فإن خلطه بالدراهم نظر ، فإن تميز عنها ضمنه وحده ولم يضمن جميع الدراهم وإن لم يتميز عنها ، ففي ضمان جميعها وجهان :
أحدهما : يضمن جميعها ؛ لأنه قد خلط مضمونا بغير مضمون ، فصار بذلك متعديا فضمن الجميع وهذا مذهب أبي حامد المروروذي والبصريين .
والوجه الثاني : لا يضمن ؛ لأن كل ذلك مال واحد قد آثر مالكه خلطه ، فلم يكن في خلطه خلاف غرضه ، وهذا مذهب أبي علي بن أبي هريرة والبغداديين وإن أنفق ذلك الدرهم ورد بدله وخلطه بالدراهم ، فلا يخلو حال ذلك الدرهم الذي رده بدلا من ثلاثة أقسام :
أحدها : ألا يتميز من جميع الدراهم فيصير بخلطه متعديا في الجميع ؛ لأنه قد ، فصار ضامنا بجميعها . خلط الوديعة بمال نفسه
والقسم الثاني : أن يتميز ذلك الدرهم دون غيره مما يتميز ويصير كمن خلط دراهم الوديعة بدنانير نفسه عن جميع الدراهم ، فليس عليه إلا ضمان ذلك الدرهم دون غيره .
والقسم الثالث : أن يكون مما يتميز عن بعض الدراهم ولا يتميز عن بعضها ، مثل أن تكون بعض الدراهم بيضاء وبعضها سوداء والدراهم المردودة فيها أبيض أو أسود ، فيضمن من ذلك ما لا يتميز عن الدرهم المردود بدلا ولا يضمن ما تميز عنه .