مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو ، لم يجز ؛ لأنه إنما أوصى بمال غيره ، ( وقال ) في كتاب اختلاف قال : فإن حدث بوصي حدث فقد أوصيت إلى من أوصى إليه أبي حنيفة وابن أبي ليلى : إن ذلك جائز إذا قال قد أوصيت إليك بتركة فلان ، ( قال المزني ) - رحمه الله - : وقوله هذا يوافق قول الكوفيين والمدنيين والذي قبله أشبه بقوله " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أنه لا يجوز للموصي أن يوصي إذا لم يجعل له الموصي أن يوصي ، فأما إذا جعل إليه أن يوصي ، فهذا على ضربين :
أحدهما : أن يعين إليه من يوصي .
والثاني : ألا يعين .
فإن عين له من يوصي إليه ، فهو أن يقول : قد أوصيت إليك وجعلت لك أن توصي إلى عمرو . وسواء قال : فإذا أوصيت فهو وصي أو لم يقل ، فهذا جائز ؛ لأنه قد أذن له في الوصية وقطع اجتهاده في الاختيار ، فجرى ذلك مجرى قوله قد أوصيت إليك ، فإن مت فقد أوصيت إلى عمرو .
ولا يقع الفرق بينهما إلا من وجه واحد ، وهو أنه إذا ، فإنه يصير عمرو بموت الوصي وصيا لا يحتاج إلى وصية من جهة الوصي . قال : إن مت فقد أوصيت إلى عمرو
ولو قال : وقد جعلت إليك أن توصي إلى عمرو ، لم يصر عمرو وصيا إلا بوصية الوصي ، فإذا أوصى إليه صار عمرو وصيا للميت الأول لا للوصي .
فلو مات الوصي قبل أن يوصي إلى عمرو لم تثبت وصية عمرو إلا أن يردها الحاكم إليه ، فلو أراد الحاكم رد الوصية إلى غيره ففيه وجهان :
أحدهما : ليس له ذلك ؛ لأن الموصي قد قطع الاجتهاد في تعينه ، كما لا يجوز للوصي أن يوصي إلى غيره .
والوجه الثاني : أنه يجوز له ذلك ؛ لأن تعيين الوصية إليه إنما جعل إلى الوصي ، فإذا مات قبل أن يوصي بطل حكم تلك الوصية ، فصار نظر الحاكم فيها نظر حكم لا نظر وصي ، فجاز أن يختار من يراه للنظر أوفق .
وهكذا لو قال الموصي : قد أوصيت إلى زيد ، فإن مات فقد أوصيت إلى عمرو ، فإن مات فقد أوصيت إلى بكر ، جاز وكان كل واحد من الثلاثة وصيا بعد موت من تقدمه ، فقد جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش مؤتة وقال لهم : زيد بن حارثة ، فإن أصيب فجعفر بن أبي طالب ، فإن أصيب فعبد الله بن رواحة ، فإن أصيب فليرتض المسلمون رجلا . أميركم
[ ص: 342 ] فأصيب زيد فقام بهم جعفر ، ثم أصيب جعفر ، فقام بهم عبد الله بن رواحة ، ثم أصيب عبد الله فارتضى المسلمون خالد بن الوليد .
فلو قال : قد أوصيت إلى زيد سنة ، ثم بعد السنة إلى عمرو ، كان هذا جائزا . وقيل : إن الشافعي - رضي الله عنه - هكذا أوصى .