مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " وإذا أشكل سئل عنه أهل البصر " .
قال الماوردي : اعلم أن : ضرب يكون العلم به جليا يشترك في معرفته الخاص والعام ، فهذا لا يحتاج في معرفته إلى سؤال أهل العلم به . الأمراض ضربان
وضرب يكون العلم به خفيا يختص به أهل العلم به فيسألوا ، أو يرجع إلى قولهم فيه . كما أن علم الشريعة ضربان : ضرب جلي يشترك فيه الخاص والعام كالصلوات الخمس وأعداد ركعاتها وصوم شهر رمضان ووجوبه ، فلا يحتاج فيه إلى سؤال العلماء إلا فيما يتفرع من أحكامه .
وضرب يكون خفيا فيلزمهم سؤال العلماء عنه إذا ابتلوا به .
ثم إذا لزم سؤال أهل الطب فيما أشكل من الأمراض ، لم يقتنع فيه بأقل من عدلين من [ ص: 323 ] طب المسلمين ؛ لأنها شهادة ، فإن قالوا غالبه التلف جعلت العطايا من الثلث لكونه مخوفا ، وإن قالوا غالبه السلامة فهو غير مخوف ، وهكذا لو قالوا غالبه الموت بعد زمان طويل فهو غير مخوف ، والعطايا فيه من رأس المال .
فلو مات فقال : من شهد بسلامته من الطب أخطأنا قد كنا ظنناه أنه غير موح فبان موحيا ، قبل قولهم ؛ لأن ما رجعوا إليه من هذا القول أمارة دالة وهو الموت ، فلو اختلفوا في المرض فحكم بعض بأنه مخوف موح . وقال بعضهم غير مخوف ، رجع إلى قول الأعلم منهم ، فإن استووا في العلم وأشكل على الأعلم ، رجع إلى قول الأكثر منهم عددا ، فإن استووا في العدد رجع إلى قول من حكم بالمخوف ؛ لأنه قد علم من غامض المرض ما خفي على غيره .
فلو ، فادعى الوارث أنه كان مخوفا وقال المعطى غير مخوف ، فالقول فيه قول المعطى مع يمينه دون الوراث لأمرين : أحدهما : أننا على يقين من تقدم السلامة وفي شك من حدوث الخوف . اختلف المعطى والوارث في المرض عند اعوزاز البينة
والثاني : أنه مالك لما أعطي فلا ينزع بعضه بالدعوى .