الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : والقسم الثالث : أن يطلق الوصية بالحج ، فلا يجعله في الثلث ولا من رأس المال . فالذي نص عليه الشافعي في المناسك في كتابه الجديد : أنه يحج عنه من رأس المال . وقال في هذا الموضع من الوصايا بالحج عنه من ثلثه .

                                                                                                                                            فاختلف أصحابنا : فكان أبو الطيب بن سلمة وأبو حفص بن الوكيل يخرجان ذلك على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : يكون من رأس المال ، كما لو لم يوص به ، لوجوبه كالديون .

                                                                                                                                            والقول الثاني : أنه يكون من الثلث ، ليستفاد بالوصية ، ما لم يكن مستفادا بغيرها .

                                                                                                                                            وقال أبو علي بن خيران :

                                                                                                                                            [ ص: 246 ] ليس هذا على اختلاف قولين ، بل الحكم على حالين ، فالذي جعله في الثلث هو أجرة مثل السير من بلده إلى الميقات ، والذي جعله من رأس المال هو أجرة المثل من الميقات .

                                                                                                                                            وقال أبو إسحاق المروزي : وقال أبو علي بن أبي هريرة : إنه يكون ذلك من رأس المال قولا واحدا .

                                                                                                                                            والذي قاله هاهنا أنه يكون في الثلث إذا صرح بأنه في الثلث توفيرا على ورثته ، ألا تراه قال : فإن لم يبلغ تمم من رأس المال ، فإن قلنا : إنه يكون من رأس المال : أحج عنه من ميقات بلده ، وإن قلنا : يكون من الثلث ، فعلى وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : من بلده ، والثاني : من ميقات بلده .

                                                                                                                                            والذي قاله هاهنا إذا كان الحج واجبا ، وسواء كان حج الإسلام أو نذرا أو قضاء .

                                                                                                                                            ومن أصحابنا من فرق بين حجة النذر وغيرها ، فجعل حجة النذر في الثلث ؛ لأنه تطوع بإيجابها على نفسه وسوى الأكثرون بينها وبين الواجبات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية