الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي - رحمه الله تعالى - : " ولو قال أعطوه رأسا من رقيقي أعطي ما شاء الوارث معيبا كان أو غير معيب " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، والكلام فيها يشتمل على فصلين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يوصي برأس من رقيقه .

                                                                                                                                            والثاني : أن يوصي برأس من ماله .

                                                                                                                                            فأما إذا أوصى برأس من رقيقه فهذا على ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون له عند الوصية رقيق يخلفهم في تركته ، فالوصية جائزة .

                                                                                                                                            [ ص: 230 ] فإن خلف رأسا واحدا فهو للموصى له ، وإن خلف جماعة فالخيار إلى الورثة في دفع أيهم شاءوا من صغير أو كبير ، وصحيح أو مريض ، ذكر أو أنثى ، مسلم أو كافر ؛ لأن كل واحد منهم ينطلق عليه اسم رأس من رقيق .

                                                                                                                                            فأما الخنثى المشكل ففيه وجهان : أحدهما وهو قول الربيع : أنه لا يجوز لخروجه عن العرف ، ولكن لو قال أمة لم يجز أن يعطي عبدا ولا خنثى . ولو قال عبدا ، لم يجز أن يعطي أمة ولا خنثى .

                                                                                                                                            ولو كان في كلامه ما يدل على مراده ، حملت الوصية على ما يدل عليه مراده ، كقوله : " أعطوه رأسا يستمتع بها " ، فلا يعطى إلا امرأة ؛ لأنها هي المقصودة بالمنفعة .

                                                                                                                                            ولو قال : " رأسا يخدمه " ، لم يعط إلا صحيحا ؛ لأن الزمن لا خدمة فيه ، وكذلك الصغير .

                                                                                                                                            ولو أراد الورثة أن يشتروا له رأسا لا من رقيقه لم يجز ؛ لأنه عين الوصية في رقيقه .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ألا يكون له عند الوصية برأس من رقيقه رقيق ، ولا يملك بعد الوصية رقيقا فالوصية باطلة ؛ لأنه أحالها إلى رقيق معدوم .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ألا يكون له عند الوصية برأس من رقيقه رقيق ، ويملك بعد الوصية وقبل الموت رقيقا ، ففي صحة الوصية وجهان كمن أوصى بثلث ماله ولا مال له :

                                                                                                                                            أحدهما : جائزة .

                                                                                                                                            والثاني : باطلة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية