الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما الوصية للعبد ، فإن كان لعبد نفسه لم يجز : لأنها وصية لورثته .

                                                                                                                                            وإن كانت لعبد غيره جاز وكانت وصية لسيده ، وهل يصح قبول العبد لها بغير إذن سيده على وجهين :

                                                                                                                                            أحدهما : تصح ، كما يصح أن يملك والاحتشاش بالاصطياد من غير إذن .

                                                                                                                                            والثاني وهو قول أبي سعيد الإصطخري : لا تصح لأن السيد هو المملك .

                                                                                                                                            فعلى الوجه الأول : لو قبلها السيد دون العبد لم يجز .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الثاني : يجوز .

                                                                                                                                            فأما إذا أوصى لمدبره [ ص: 193 ] فالوصية جائزة إذا خرج المدبر من الثلث : لأنه يملكها دون الورثة ، لعتقه بموت السيد ، ولو خرج بعضه من الثلث دون جميعه ، صح من الوصية بقدر ما عتق منه ، وبطل منه بقدر ما رق منه .

                                                                                                                                            ولو وصى لمكاتبه ، كانت الوصية جائزة : لأن المكاتب يملك ، فإن عتق بالأداء فقد استقر استحقاقه لها ، فإن كان قد أخذها قبل العتق وإلا أخذها بعده .

                                                                                                                                            وإن رق بالعجز نظر ، فإن لم يكن قد أخذها فهي مردودة : لأنه صار عبدا موروثا ، وإن كان قد أخذها ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : ترد اعتبارا بالانتهاء في مصيره عبدا موروثا .

                                                                                                                                            والثاني : لا ترد اعتبارا بالابتداء في كونه مكاتبا مالكا .

                                                                                                                                            فأما الوصية لأم ولده فجائزة ، سواء كان لها ولد وارث أو لم يكن : لأن عتقها بالموت أنفذ من عتق المدبر ، ولا يمنع ميراث ابنها من إمضاء الوصية : لأن الوصية لأبي الوارث وابنه جائزة ، وقد روي أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أوصى لأمهات أولاده .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية