مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " والإخوة والأخوات للأب والأم يعادون الجد والأخوات بالإخوة للأب ولا يصير في أيدي الذين للأب شيء إلا أن تكون أخت واحدة لأب وأم فيصيبها بعد المقاسمة أكثر من النصف فيرد ما زاد على الإخوة للأب والإخوة والأخوات للأب بمنزلة الإخوة والأخوات للأب والأم مع الجد إذا لم يكن أحد من الإخوة والأخوات للأب والأم " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : لا اختلاف بين من في أنه متى انفرد معه الإخوة والأخوات للأب والأم قاسموه ، وإذا انفرد معه الإخوة والأخوات قاسموه كمقاسمة ولد الأب والأم ، واختلفوا في اجتماع الفريقين معه ، فحكي عن قاسم الجد بالإخوة والأخوات علي وابن مسعود أن ولد الأب يسقطون بولد الأب والأم في مقاسمة الجد ، إلا أن يكون ولد الأب والأم أنثى واحدة وولد الأب إناثا ولا ذكر معهن فيفرض لهن السدس تكملة الثلثين ، فإن كان معهن ذكر سقطن به مع ولد الأب والأم استدلالا بأنه ولد الأب لما سقطوا بولد الأب والأم [ ص: 134 ] عن الميراث مع الجد سقطوا في مقاسمة الجد : لأن المقاسمة سبب للاستحقاق فسقطت بسقوط الاستحقاق ، وذهب زيد بن ثابت إلى أن ولد الأب يقاسمون الجد مع ولد الأب والأم ، ثم يردون ما حصل لهم على ولد الأب والأم إلا أن يكون ولد الأب والأم أنثى واحدة ، فلا تزاد فيما يرد عليها على النصف ، فإن وصل بعد النصف شيء تقاسمه ولد الأب بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، وحكي نحوه عن عمر - رضي الله عنه - وبه قال الشافعي ومالك .
والدليل على هو أن مقاسمة الإخوة للجد إنما كان لإدلاء جميعهم بالأب ، فلما ضعف الجد عن دفع الإخوة للأب بانفرادهم كان أولى أن يضعف عن دفعهم إذا اجتمعوا مع من هو أقوى منهم : فلذلك ما استوى الفريقان في مقاسمته ، ثم لما كان الإخوة للأب والأم أقوى سببا من الإخوة للأب دفعوهم عما صار إليهم حين ضعف الجد عن دفعهم : فلذلك عاد ما أخذه الإخوة للأب عليهم ، وليس يمتنع أن يحجب الإخوة شخصا ثم يعود ما حجبوه على غيرهم ، ألا ترى أن الأخ للأب يحجب الأم مع الأخ للأب والأم ، ثم يعود السدس الذي حجبها عنه على الأخ للأب والأم ، فهكذا في مقاسمة الجد ، وهكذا الأخوان يحجبان الأم مع الأبوين ، ثم يعود الحجب على الأب دون الأخوين . مقاسمة الجد بولد الأب مع ولد الأب والأم
فأما الجواب عن الاستدلال بأن المقاسمة إنما تحجب الاستحقاق بها فهو أن الاستدلال به صحيح ، وقد استحقه الإخوة للأب والأم فصارت المقاسمة للاستحقاق لا لغيره .