الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما وصفنا ، فلا يخلو أن يكون مع الإخوة والجد ذو فرض أم لا ، فإن كان معهم ذو فرض فسيأتي ، وإن لم يكن معهم ذو فرض فلا يخلو حال من شارك الجد من ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكونوا إخوة منفردين ، فإن الجد يقاسم أخوين ولا يقاسم من زاد ، فإن كانت الفريضة جدا وأخا كان المال بينهما نصفين ، وإن كانت جدا وأخوين كان المال بينهم أثلاثا ، وإن كانت جدا وثلاثة إخوة فرض للجد الثلث وكان الباقي بين الإخوة على ثلاثة وتصح من تسعة ، وهكذا يفرض له الثلث مع من زاد على الثلاثة .

                                                                                                                                            [ ص: 127 ] والقسم الثاني : أن يكون مع الجد أخوات متفرقات ، فقد حكي عن علي وابن مسعود - رضي الله عنهما - أنهما كانا يفرضان للأخوات المتفرقات مع الجد ويجعلان الباقي بعد فرضهن للجد إلا أن يكون أقل من السدس فيفرض له السدس ، ونحوه عن عمر رضي الله عنه ، وكان زيد بن ثابت لا يفرض للأخوات المنفردات مع الجد إلا في الأكدرية ونحوها ، وترك الفرض لهن مع الجد أولى كالأخ ، فلما لم يفرض لهن مع الأخ لم يفرض لهن مع الجد : لأن كل من قاسم الذكور قاسم من في درجته من الإناث كالابن ، فعلى هذا لو كانت الفريضة جدا وأختا فالمال بينهما أثلاثا للذكر مثل حظ الأنثيين كالأخ والأخت ، ولما كانت جدا وأختين كان المال بينهم على أربعة : للجد سهمان ، ولكل أخت سهم ، فلو كانت جدا وثلاث أخوات كان المال بينهم على خمسة : للجد سهمان ولكل أخت سهم ، فلو كانت جدا وأربع أخوات كان المال بينهم على ستة : للجد سهمان ولكل أخت سهم ، وتستوي المقاسمة والثلث ، ولو كانت جدا وخمس أخوات فرض للجد الثلث : لأن المقاسمة تنقصه من الثلث ، فيكون الباقي بعد ثلث الجد بينهن على أعدادهن .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون مع الجد إخوة وأخوات فيقاسمهم إلى الثلث ، ثم يفرض له الثلث إن نقصته المقاسمة منه ، فعلى هذا لو كانت الفريضة جدا وأخا وأختا كان المال بينهم على خمسة : للجد سهمان وللأخ سهمان وللأخت سهم ، ولو كانت جدا وأخا وأختين كان المال بينهم على ستة للجد سهمان ، وللأخ سهمان ، وللأختين سهمان ، وتستوي المقاسمة والثلث ، ولو كانت جدا وأخوين وأختا فرض له الثلث : لأن المقاسمة تنقصه منه : لأنه يحصل له بها سهمان من سبعة : فلذلك فرض له الثلث ، وكان الباقي بين الأخوين والأخت للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهكذا يفرض له الثلث مع أخ وثلاث أخوات : لأن المقاسمة تنقصه منه ، ثم هكذا من زاد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية