الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فلو قال : من جاءني بعبدي الآبق فله دينار . فأي الناس جاء به استحق الدينار من رجل أو امرأة ، حر أو عبد ، مسلم أو كافر ، صغير أو كبير ، عاقل أو مجنون ، إذا كان قد سمع النداء أو علم به لدخولهم في عموم قوله : من جاءني ، فلو جاء العبد بنفسه عند علمه بهذا القول من سيده لم يستحق عليه شيئا : لأن الجعل عليه لا له ، فلو جاء به من لم يسمع النداء ولا علم به كان متطوعا بحمله على حكم الأصل ، فلو علم بالنداء بعد المجيء به وقبل دفعه إلى سيده استحق الدينار : لأن السامع للنداء لو جاء به من أقرب المواضع أو أبعدها استحقه ، فكذلك فلو أنفق عليه الجائي به في طعامه وشرابه كان متطوعا بالنفقة وليس له غير الدينار ، فلو جاء بالعبد وهو مريض أو في قبضة حياته استحق الدينار : لأنه مبذول على حمله ، فلو اختلف العبد وحامله فقال العبد : جئت بنفسي . وقال حامله : بل أنا جئت به . رجع إلى تصديق السيد ، فإن صدق الحامل لم يعتبر إنكار العبد واستحق الدينار ، وإن صدق العبد حلف السيد دون العبد ، ولا شيء عليه ، ولو اختلف السيد وحامل العبد فقال السيد : فلما لم تسمع النداء فلا شيء لك . وقال الحامل : بل سمعته وعلمت به فلي الدينار . فالقول قول الحامل وله الدينار : لأن علمه بالشيء يرجع فيه إليه لا إلى غيره ، فلو قال سيد العبد : من جاءني بعبدي من سامعي ندائي هذا فله دينار ، فجاء به من علم بندائه ولم يسمعه لم يستحق شيئا ، ولو قال الجائي به : سمعت النداء ، وقال السيد : لم تسمعه ، فالقول قول الجائي به أيضا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية