مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : " فإن قيل : فلم أجزت إطلاقه عنه وهو إتلاف مال ؟ قيل : ليس بإتلاف مال ، ألا ترى أنه يموت فلا تورث عنه امرأته ولا تحل له فيها هبة ولا بيعة ويورث ويباع عليه ويملك ثمنه ، فالعبد مال بكل حال ، والمرأة ليست بمال ، ألا ترى أن العبد يؤذن له في التجارة والنكاح فيكون له الطلاق والإمساك دون سيده ولمالكه أخذ ماله كله دونه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال ،
nindex.php?page=treesubj&link=14957_14921طلاق المحجور عليه بالسفه واقع وهو قول جمهور الفقهاء .
وقال
ابن أبي ليلى وأبو يوسف : طلاقه لا يقع ، لأن الطلاق إتلاف مال كالعتق ، لأن البضع يملك بالمال ويزول عنه الملك بالمال ، فلما لم يصح عتقه وجب أن لا يصح طلاقه ، ولأن شاهدين لو شهدا على رجل بالطلاق الثلاث ومضى الحكم بشهادتهما فرجع الشاهدان لزمهما مهر المثل .
فلو لم يكن ذلك إتلاف مال ما لزمهما غرم المال .
ودليلنا عموم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره [ البقرة : 230 ] وقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923288الطلاق لمن أخذ بالساق .
[ ص: 364 ] ولأن السفيه أحسن حالا من العبد لحريته وثبوت ملكه ، فلما صح طلاق العبد فأولى أن يصح طلاق السفيه .
ولأنه يستفيد بطلاقه سقوط النفقة إن كان بعد الدخول ونصف المهر إن كان قبل الدخول فلم يجز أن يمنع من هذه الفائدة ويجبر على التزام النفقة .
وقولهم : إنه مال كالعبد غلط ، لأن العبد يصح بيعه ورهنه ويورث عنه ، ولا يصح ذلك في الزوجة .
وغرم الشاهدين المهر إنما كان لأجل ما أوقعا من الحيلولة بين الزوجين وتفويت الاستمتاع عليهما وإن لم يتلقا بشهادتهما مالا .
كما لو شهدا بما أوجب القود لزمتهما الدية ، وإن لم يكن الحق مالا ، والله أعلم بالصواب .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " فَإِنْ قِيلَ : فَلِمَ أَجَزْتَ إِطْلَاقَهُ عَنْهُ وَهُوَ إِتْلَافُ مَالٍ ؟ قِيلَ : لَيْسَ بِإِتْلَافٍ مَالٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمُوتُ فَلَا تُورَثُ عَنْهُ امْرَأَتُهُ وَلَا تَحِلُّ لَهُ فِيهَا هِبَةٌ وَلَا بَيْعَةٌ وَيُورَثُ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ وَيُمْلَكُ ثَمَنُهُ ، فَالْعَبْدُ مَالٌ بِكُلِّ حَالٍ ، وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ بِمَالٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَبْدَ يُؤْذَنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّكَاحِ فَيَكُونَ لَهُ الطَّلَاقُ وَالْإِمْسَاكُ دُونَ سَيِّدِهِ وَلِمَالِكِهِ أَخْذُ مَالِهِ كُلِّهِ دُونَهُ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ ،
nindex.php?page=treesubj&link=14957_14921طَلَاقُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ وَاقِعٌ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ : طَلَاقُهُ لَا يَقَعُ ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ إِتْلَافُ مَالٍ كَالْعِتْقِ ، لِأَنَّ الْبُضْعَ يُمْلَكُ بِالْمَالِ وَيَزُولُ عَنْهُ الْمِلْكُ بِالْمَالِ ، فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ وَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ طَلَاقُهُ ، وَلِأَنَّ شَاهِدَيْنِ لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَمَضَى الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِمَا فَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ لَزِمَهُمَا مَهْرُ الْمِثْلِ .
فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِتْلَافَ مَالٍ مَا لَزِمَهُمَا غُرْمُ الْمَالِ .
وَدَلِيلُنَا عُمُومُ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=230فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [ الْبَقَرَةِ : 230 ] وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923288الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ .
[ ص: 364 ] وَلِأَنَّ السَّفِيهَ أَحْسَنُ حَالًا مِنَ الْعَبْدِ لِحُرِّيَّتِهِ وَثُبُوتِ مِلْكِهِ ، فَلَمَّا صَحَّ طَلَاقُ الْعَبْدِ فَأَوْلَى أَنْ يَصِحَّ طَلَاقُ السَّفِيهِ .
وَلِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ بِطَلَاقِهِ سُقُوطَ النَّفَقَةِ إِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفَ الْمَهْرِ إِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ هَذِهِ الْفَائِدَةِ وَيُجْبَرَ عَلَى الْتِزَامِ النَّفَقَةِ .
وَقَوْلُهُمْ : إِنَّهُ مَالٌ كَالْعَبْدِ غَلَطٌ ، لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الزَّوْجَةِ .
وَغُرْمُ الشَّاهِدَيْنِ الْمَهْرَ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ مَا أَوْقَعَا مِنَ الْحَيْلُولَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَتَفْوِيتِ الِاسْتِمْتَاعِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ لَمْ يَتَلَقَّا بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا .
كَمَا لَوْ شَهِدَا بِمَا أَوْجَبَ الْقَوْدَ لَزِمَتْهُمَا الدِّيَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْحَقُّ مَالًا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .