الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما بيع المخاسرة فصورته أن يقول شراء هذا الثوب على مائة درهم ، وقد بعتكه مخاسرة بنقصان العشرة واحد منها ، فهذا جائز كبيع المرابحة : لأنهما عقداه بما يصير الثمن به معلوما بعد العقد وإن كان مجهولا حال العقد . وإذا صح جواز المخاسرة كما يصح جواز المرابحة ، فقد اختلف أصحابنا في كيفية الحكم فيه . والذي عليه قول الجمهور منهم أنه يرد كل أحد عشر درهما من رأس المال إلى عشرة دراهم ، فيصير آخذا لهذا الثوب بأحد وتسعين درهما إلا جزءا من أحد عشر جزءا من درهم : لأن التسعة والتسعين ردت إلى تسعين ، والدرهم الباقي أسقط منه جزءا من أحد عشر جزءا .

                                                                                                                                            قالوا وإنما ردت الأحد عشر إلى العشرة من المخاسرة ، كما ردت العشرة إلى الأحد عشر في المرابحة .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : بل يرد كل عشرة من رأس المال إلى تسعة فيحط من الثمن العشر ، فيصير آخذا لهذا الثوب بتسعين درهما .

                                                                                                                                            قالوا : لأنه لما وجب في المرابحة أن يزيد على كل عشرة واحدا وجب أن ينقص في المخاسرة من كل عشرة واحدا ، وهو قول بعض العراقيين .

                                                                                                                                            والأصح من المذهبين عندي أن يعتبر لفظ العقد ، فإن كان قال : وأخسر لكل عشرة واحدا ، ردت الأحد عشر إلى عشر كما قاله الأولون ، وإن كان قال : وأخسر من كل عشرة واحدا ردت العشرة إلى تسعة كما قاله الآخرون : لأن لفظة من تقتضي إخراج واحد من العشرة وتخالف معنى الكلام .

                                                                                                                                            [ ص: 284 ]

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية