الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما ما باعه الأب لنفسه على ابنه الصغير بحق ولايته عليه ففي كيفية قبضه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : بالنقل والتحويل كما ذكرنا . والثاني : بالنية إذا كان تحت قدرته من غير نقل ولا تحويل ، إلا أن يكون مكيلا أو موزونا فلا بد من كيله أو وزنه .

                                                                                                                                            فلو أرسل الأب عبده في حاجة ثم باعه على ابنه الصغير بنفسه ، فتلف العبد قبل أن يعود من الرسالة بطل البيع ، وكان تالفا من مال الأب ، وسقط عن الابن الثمن : لأنه مبيع تلف في يد بائعه قبل القبض ، ولو كان العبد عاد إلى يد الوالد ، وجرت عليه قدرته ثم مات كان البيع جائزا ، وكان تالفا من مال الابن ، وعليه جميع الثمن ، ولو عاد إلى يد الوالد بعد بلوغ الابن رشده ، ثم مات بطل البيع ، وكان تالفا من مال الأب : لأن الابن إذا بلغ لم يصح القبض فيما اشترى له إلا بنفسه دون أبيه ، وإن كان أبوه قد تولى العقد .

                                                                                                                                            وقال محمد بن الحسن : إذا كان الأب قد تولى العقد في صغر ابنه ، صح أن يتولى العقد بعد كبر ابنه . وهذا خطأ : لأن تولي الأب العقد والقبض عن ابنه إنما يصح لتعذر ذلك من الابن بالصغر ، فإذا كبر الابن لم يصح ذلك من الأب : لإمكان ذلك من الابن بالكبر ، فلو كان الأب حين أرسل عبده في حاجة وهبه لابنه الصغير ثم مات الأب قبل أن يرجع إليه العبد ، [ ص: 229 ] بطلت الهبة ، وكان العبد ميراثا بين جميع الورثة : لفوات القبض الذي تتم به الهبة .

                                                                                                                                            وقال محمد بن الحسن : يكون العبد للابن ، ولا يفتقد إلى قبض بخلاف البيع ، وأن البيع مضمون والهبة غير مضمونة ، ألا ترى أنه لو وهب لابنه الصغير عبدا آبقا جاز ، ولو باعه عبدا آبقا لم يجز ، وقال أبو العباس بن سريج : إنما جازت هبة الآبق ، ولم يجز بيعه : لأن الإباق غرر يجوز في الهبة ، ولا يجوز في البيع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية