الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال المزني : وهذا عندي دليل على أنه إذا قال لامرأتين له : إحداكما طالق ، فكان له الخيار ، فإن وطئ إحداهما أشبه أن يكون قد اختارها ، وقد طلقت الأخرى ، كما جعل الوطء اختيارا لفسخ البيع " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : ولهذه المسألة حالتان :

                                                                                                                                            إحداهما : أن يقول لإحدى زوجتيه : إحداكما طالق أو لأمتيه : إحداكما حرة ، ويعين وقوع الطلاق في إحدى زوجتيه والعتق في إحدى أمتيه :

                                                                                                                                            فإن كان كذلك لم يكن وطء إحداهما بيانا لوقوع الطلاق والعتق لغير الموطوءة ، لأنه قد وقع معينا باللفظ قبل الوطء .

                                                                                                                                            والحالة الثانية : أن يكون قد أبهم الطلاق في زوجتيه والعتق في أمتيه من غير أن يكون قد عينه في واحدة منهما ، ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : الوطء يكون اختيارا لإمساك الموطوءة وطلاق الأخرى إن كانت زوجة ، وعتقها إن كانت أمة ، كما ذكره المزني .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : وهو قول أبي سعيد الإصطخري : إن الوطء لا يكون بيانا في الموضوع وإن كان بيانا في فسخ البيع .

                                                                                                                                            [ ص: 57 ]

                                                                                                                                            والفرق بينهما : أن الطلاق والعتق إزالة للملك ، وإزالة الأملاك لا تقع إلا بالقول دون الفعل . وفسخ البيع استرجاع للملك ، والأملاك قد تحصل بالقول والفعل والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية