فصل : وأما القسم الثالث : وهو أن فهو أن يقول : أحجوا عني زيدا فيعينه ولا يعين عوضه ، فالواجب له أجرة المثل من بلده دون ميقات بلده قولا واحدا ؛ لأنه إذا كان زيد في بلده وقد وصى أن يحج عنه علم بإطلاق الوصية أنه يحج عنه من بلده ، وإذا كان له أجرة المثل من بلده فقد اختلف أصحابنا هل له أجرة مثله في نفسه أو أقل ما يوجد من أجرة مثل غيره ؟ على وجهين : يعين من يحج عنه ولا يعين القدر الذي يحج به عنه
أحدهما : له أجرة مثله من نظرائه في الفضل والعلم ؛ لأنه لما تميز بتبعيته عن غيره وجب أن يتميز بأجرة مثل نظرائه .
والوجه الثاني : وهو منصوص : أن له أقل ما يوجد من أجرة مثل غيره من الناس كلهم ؛ لأنه لو لم يعينه لم يستحق إلا أقل ما يوجد من يحج به ؛ فكذلك إذا عينه ؛ لأنه لا يستفاد بتعيينه قدر العوض ، وإنما يستفاد تمييز من يحج عنه ، فإذا ثبت هذا فإنه يكون القدر الذي يجب إخراجه لو لم يعين من رأس المال وما زاد على ذلك بالتعيين في الثلث ، فلو لم يقبل زيد الوصية وامتنع من الحج عنه استؤجر من يحج عنه بأقل ما يوجد من يحج عنه من الناس كلهم ويبطل حكم التعيين ، وهل يعتبر ذلك من بلده أو ميقات بلده ؟ على ما مضى من القولين ، والله أعلم .