فصل : فإذا تقرر هذان القولان فإن قلنا بقوله في الجديد : إنه لا يجوز لغيره البناء على عمله فالواجب أن يستأجر من تركته من يستأنف الإحرام بالحج عن المستأجر وعلى المستأجر الأجرة المسماة لورثة الأجير ، ولا شيء للأجير فيما عمله بنفسه ؛ لأنه لم يقع به اعتداد ولا يسقط به فرض وإن قلنا بقوله في القديم : إنه يجوز لغيره البناء على عمله نظر ؛ فإن بعرفة استؤجر من يستأنف عنه الإحرام بالحج ويقف مات الأجير قبل الوقوف بعرفة ؛ لأن الوقوف بعرفة لا يعتد به إلا بعد تقدم الإحرام عليه ، فإن كان الأجير قد سعى قبل عرفة لم يعد النائب عنه السعي بعد عرفة ؛ لأنه يبني على عمله ويأتي فيه بباقيه ، وإن لم يكن سعى قبل عرفة فعلى النائب عنه أن يسعى بعد عرفة وبعد الطواف ويأتي بباقي المناسك من الرمي والمبيت ، وإن مات الأجير بعد الوقوف بعرفة وقبل الطواف والسعي أحرم النائب عنه وأتى بأعمال العمرة وسواء كان النائب عنه وارثا أو أجنبيا مستأجرا ، ولا يجوز أن يكون إلا محلا ، نص عليه الشافعي ؛ لأن المحرم لا يصح عنه الإحرام عن غيره ، فإن قيل : فكيف تكون نيته في إحرامه ؟ قيل : لا يجوز أن ينوي الإحرام بالحج ؛ لأنه لا يلزمه الإتيان بجميع أركان الحج ومناسكه ولا ينوي الإحرام بالعمرة ؛ لأنها ليست من الحج ولا تجزئ عن شيء من أركانه ، ولكن ينوي الإحرام لما بقي على الأجير من أركان الحج ؛ لأنه يقوم مقامه في إتمام باقيه .