فصل : وإن كان الوطء الثاني قبل تكفيره عن الوطء الأول ففي وجوب قولان : الكفارة بالوطء الثاني
أحدهما : لا كفارة عليه بالوطء الثاني ، وهو قول أبي حنيفة واختيار المزني : لأن الكفارة تجري مجرى الحد ، والحدود إذا ترادفت من جنس واحد تداخلت ؛ ولأن الوطء في الحج كالوطء في الصوم في إيجاب القضاء والكفارة ، ثم كان الوطء الثاني في الصوم الفاسد لا يوجب الكفارة ، فكذلك الوطء الثاني في الحج الفاسد : لا يوجب الكفارة .
والقول الثاني : عليه الكفارة ، وبه قال في الجديد : لأنه وطء عمد صادف إحراما لم يتحلل شيء منه ، فوجب أن يتعلق به الكفارة كالوطء الأول ؛ ولأن كل عبادة وجبت بالوطء فيها الكفارة لو كفر عما قبله وجب فيه الكفارة ، وإن لم يكفر عما قبله كالصوم إذا وطئ في اليوم الأول منه ، فلم يكفر عنه حتى وطئ في اليوم الثاني لزمته كفارة ثانية ، كذلك الحج ، فأما الحدود فإنما تداخلت : لأنها عقوبات لا يتعلق بها حق لآدمي ، وليس كذلك الكفارات ، لتعلق حق الآدمي بها ، وأما صوم اليوم الواحد فإنما لم يجب بالوطء الثاني فيه لخروجه منه بالفساد ، والحج لا يخرج منه بالفساد ، فإذا ثبت وجوب الكفارة فيه على أصح القولين ففي الكفارة قولان على ما مضى : كفارة
أحدهما : " بدنة " على قوله في القديم كالوطء الأول .
والثاني : شاة على قوله الجديد كالاستمتاع .