مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإذا فرغ صلى ركعتين خلف المقام فيقرأ في الأولى بأم القرآن ، وقل يا أيها الكافرون ، وفي الثانية بأم القرآن ، وقل هو الله أحد .
قال الماوردي : وهذا كما قال : هذا إذا أكمل الطائف طوافه سبعا صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ، يقول فيهما بما ذكره الشافعي لرواية جعفر بن محمد عن أبيه جابر واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ البقرة : 125 ] وقد علق أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت سبعا ، وصلى عند المقام ركعتين وقرأ : الشافعي القول في هاتين فخرجهما أصحابنا على قولين : الركعتين
أحدهما : إنهما واجبتان : لقوله تعالى : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى [ البقرة : 125 ] ، يعني صلاة ، ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهما ، فعله إما أن يكون بيانا أو ابتداء شرع ، وأيهما كان دل على الوجوب .
والقول الثاني : إنهما مستحبان : لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي حين قال فجعل ما سوى الخمس تطوعا . هل علي غيرها قال : لا إلا أن تتطوع ،
وروى ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " " وأخرجه مخرج الفضل ، وجعل له ثوابه محدودا فدل على أنه تطوع : لأن الواجب غير محدود الثواب . من طاف أسبوعا وصلى ركعتين كان له كعدل رقبة
[ ص: 154 ] فإذا قلنا : إن ذلك مستحب فصلاهما جالسا مع القدرة على القيام أجزأ كسائر السنن والنوافل ، وإذا قلنا إن ذلك واجب فإن صلاهما جالسا مع العجز عن القيام أجزأه ، وإن كان مع القدرة على القيام فعلى وجهين :
أحدهما : لا يجزئه لرواية ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا ثم نزل فصلى خلف المقام ، فلو جاز فعلهما جالسا لأجزأه فعلهما راكبا ، فلما نزل وصلاهما على الأرض دل على أن فرضها القيام كسائر الصلوات الواجبات .
والوجه الثاني : يجزئه : لأنهما من أحكام الطواف وتبعه ، فلما جاز أن يطوف راكبا ومحمولا مع القدرة على المشي ، جاز أن يصلي ركعتي الطواف قاعدا مع القدرة على القيام ، وسواء في ذلك طواف الحج والعمرة وطواف القدوم والزيارة والوداع ، كل ذلك مأمور به في كل طواف .