مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وكذلك الأظفار ، والعمد فيها والخطأ سواء " .
قال الماوردي : أما : لقوله صلى الله عليه وسلم الأظفار فحكمها حكم الشعر ، يمنع المحرم منها ، ويلزمه الفدية لتقليمها المحرم أشعث أغبر وتقليمها ما يزيل الشعث ، ويحدث الترفيه ، ولأنه نام يتخلف يترفه المحرم بإزالته ، فوجب أن تلزمه الفدية فيه كالشعر ، فإذا ثبت وجوب الفدية فيه ، فحكمه حكم الشعر ، وإن قلم أظفاره ، فعليه دم كما لو حلق جميع شعره ، ولو قلم ثلاثة أظافر فصاعدا في مقام فعليه دم سواء كانت من يده أو رجله من عضو واحد أو عضوين .
وقال أبو حنيفة : لا يلزمه الفدية الكاملة ، وهي الدم ، إلا لتقليم خمسة أظافر من عضو واحد ، فإن قلم أقل من خمسة أظافر من عضو واحد ، أو قلم خمسة أظافر من عضوين ، لم يلزمه دم واختلفت الرواية عنه ، فما دون الدم ، هل يلزمه أم لا ؟ ففيه روايتان قال : لأن الفدية الكاملة لا تلزمه ، إلا بترفيه كامل . وكمال الترفيه بتقليم خمسة أظفار .
وهذا الذي قاله ليس بصحيح : لأنه إما أن يعتبر كمال الترفيه ، وذلك لا يكون إلا بتقليم جميع الأظافر ، وهو لا يعتبره ، أو ما يقع عليه اسم جميع مطلق وهو مقولنا ثم نقول : لأنه قلم من أظافره ما يقع على اسم الجمع المطلق ، فوجب أن تلزمه الفدية الكاملة ، كالخمسة من يد واحدة ، فإن قلم ظفرا واحدا ، كان كما لو حلق شعرة ، فيكون فيما يلزمه ثلاثة أقاويل :
أحدها : ثلث دم .
والثاني : درهم .
[ ص: 118 ] والثالث : مد ، فإن قلم ثلاثة أظافر في مقام ، ثم قلم بعدها ثلاثة أظافر أخر ، في مقام آخر ، فعليه دمان : لأن هذا إتلاف لا يتداخل بحال ، فلو انكسر ظفره وتعلق وكان تأذى به ، وكان له قلعه ، ولا فدية عليه كالشعرة إذا نبتت في عينه . قال الشافعي : والعمد ، والخطأ فيهما سواء ، وإنما استوى حكم العامد والخاطئ : لأنه إتلاف فشابه قتل الصيد ، وقد مضى ذلك ، والله أعلم .