مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والعصفر ليس من الطيب " .
قال الماوردي : وهذا كما قال : العصفر ليس من الطيب ، ولا في حكم الطيب ، وإن جاز ، ولا فدية عليهما . لبس المحرم أو المحرمة ثوبا معصفرا
وقال أبو حنيفة : العصفر ليس من الطيب ، ولكن حكمه حكم الطيب ، فلا يجوز للمحرم ولا المحرمة لبس المعصفر ، سواء كان ينفض أو لم ينفض ، فإن لبس المحرم أو المحرمة معصفرا ، فإن كان ينفض فعليهما الفدية . وإن كان لا ينفض ، فلا فدية عليهما ، استدلالا بأن المعصفر لونا ورائحة ، كالزعفران .
والدلالة على صحة ما ذكرنا : رواية محمد بن أبي إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، ويلبسن ما شئن من ألوان الثياب من معصفر وخز وحلي نهى النساء في إحرامهم عن القفازين ، النقاب وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أبو جعفر عن محمد بن علي قال : " أبصر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عبد الله بن جعفر ثوبين مضرجين وهو محرم . فقال : " ما هذه الثياب ، فقال علي بن أبي طالب : ما إخال أحدا يعلمنا السنة فسكت عمر " . وروي عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة : ماذا تلبس المحرمة من الثياب : قالت عائشة : كلبس معصفرها ، وحريرها ، وحليها " . فعلي إنما أشار إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعائشة إنما [ ص: 112 ] أقرت بما شاهدت من إقرار رسول الله صلى الله عليه وسلم . ولأنه مصنوع بما لا يتخذ طيبا ، فوجب أن لا يمنع منه المحرم ، كالمصنوع بالحمرة والصفرة ، ولأنه معصفر ، فوجب ألا يلزم بلبسه الفدية ، قياسا على ما لا ينقص وأما جمعهم بين المعصفر والمزعفر ، فغيره صحيح : لأن الزعفران طيب في الغالب ، والعصفر ليس بطيب .