الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الإحرام والتلبية

                                                                                                                                            [ ص: 77 ] مسألة : قال الشافعي : " وإذا أراد الرجل الإحرام اغتسل لإحرامه من ميقاته " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، يستحب لمن أراد الإحرام لحج أو عمرة ، أن يغتسل من ميقاته ، لرواية جابر بن زيد بن ثابت عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتسل لإهلاله " . وروى جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنهم عن جابر قال : " لما صرنا بذي الحليفة نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغسل للإهلال " وسواء في ذلك الرجل ، والمرأة ، والطاهر والحائض : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بالغسل وهي نفساء ، وليس الغسل فرضا يأثم بتركه ، وإنما هو استحباب واختيار ، قال الشافعي : وما تركت الغسل للإهلال قط ولقد كنت أغتسل له مريضا في السفر ، وإني أخاف ضرر الماء وما صحبت أحدا أقتدي به فرأيته تركه ولا رأيت أحدا عدا به أن رآه اختيارا .

                                                                                                                                            فإن تعذر عليه الوضوء اخترنا له أن يتيمم ، فإن ترك ذلك كله فلا حرج عليه ، لأنه ترك اختيارا لم يجب عليه فعله ، فإذا ثبت هذا ، فالغسل مستحب في الحج في سبعة مواضع ، الغسل للإحرام ، والغسل لدخول مكة ، والغسل لوقوف عشية عرفة ، والغسل للوقوف بمزدلفة ، والغسل لرمي الجمار في أيام منى الثلاثة ، ولا يغتسل لرمي يوم النحر : لأنه رمى أيام منى ، لا يفعل إلا بعد الزوال في وقت اشتداد الحر وانصباب العرق ، فكان في الغسل تنظيف له ، وجمرة يوم النحر ، تفعل بعد نصف الليل ، وقبل الزوال ، في وقت لا يتأذى بحره ، فلم يؤمر بالغسل له .

                                                                                                                                            قال الشافعي : واستحب الغسل من هذا عند تغيير البدن بالعرق وغيره تنظيفا للبدن ، وزاد الشافعي في القديم الغسل لزيارة البيت وحلق الشعر ولطواف الصدر ، فجعل الغسل مستحبا على القديم على عشرة مواضع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية