الوجه الثامن عشر : نحو ما رواه أن يكون أحد الحديثين اختلفت الرواية فيه والثاني لم تختلف ، فيقدم الحديث الذي لم تختلف الرواية فيه ، في باب الزكاة في صدقة الإبل إذا زادت على عشرين ومائة ، ففي كل أربعين ابنة لبون ، وفي كل خمسين حقة ، وهو حديث صحيح مخرج في الصحاح من حديث أنس بن مالك ورواه عن ثمامة بن عبد الله بن أنس ، ثمامة ابنه عبد الله ورواه عنهما جماعة ، وكلهم قد اتفقوا على هذا الحكم من غير اختلاف بينهم . وحماد بن سلمة ،
وروى عاصم بن ضمرة ، عن - رضي الله عنه - في الإبل إذا زادت على عشرين ومائة قال : ترد الفرائض إلى أولها فإذا كثرت [ ص: 71 ] الإبل ففي كل خمسين حقة . كذا رواه علي بن أبي طالب سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ، ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي - رضي الله عنه - قال : إذا زادت الإبل عن عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة ، وفي كل أربعين ابنة لبون . فهذه الرواية موافقة لحديث والرواية الأولى تخالفه ، وحديث أنس بن مالك ، أنس لم تختلف الرواية فيه ، وحديث علي اختلفت الرواية فيه كما ترى ، فالمصير إلى حديث أنس أولى للمعنى الذي ذكرناه ، على أن كثيرا من الحفاظ أحالوا في حديث علي - رضي الله عنه - بالغلط على عاصم .
وإذا تقابلت حجتان فيكون لإحداهما معارض وليس للأخرى ذلك ، فما سلمت تكون أولى كالبينات إذا تقابلت ، فما وجد لها معارض سقطت ، وما سلمت من المعارضة ثبتت ، كذلك هذا .