[ ص: 413 ] 3 - ومن باب المزارعة
حديث في كراء الأرض - ترك ابن عمر هذا الأمر آخرا - رأي لبعض أهل العلم - من قال به - رأي ثاني - ورأي ثالث - حديث عمي ابن عمر رافع في النهي عن كراء الأرض - ترك بعد - كلام ابن عمر الخطابي على حديث رافع - رواية أخرى يبينها الخطابي - حديث جابر - حديث آخر روي من غير وجه عن جابر - مناقشة الحازمي .
أخبرنا الفضل بن القاسم بن الفضل الصيدلاني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ، أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي ، حدثنا مكي بن عبدان بن محمد ، حدثني مسلم بن الحجاج ، حدثنا علي بن حجر ، إسماعيل ، عن أيوب ، عن نافع ، عن قال : ابن عمر ، . قد علمت أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما على الأربعاء وشيء من التبن لا أدري كم هو
[ ص: 414 ] وأخبرنا أبو الفضل بن محمد الديلمي الكاتب ، أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ، أخبرنا عن أبو محمد الجوهري ، علي بن عمر ، أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى ، أخبرنا أبو حاتم النيسابوري ، أخبرنا مسلم ، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا عبيد الله بن جعفر الرقي ، حدثنا عن عبيد الله بن عمرو ، زيد ، عن عبد الملك بن أبي زيد ، قال : كان يعطي أرضه بالثلث والربع ، ثم تركه ابن عمر فقلنا ابن عمر : ما بال لطاوس ترك الثلث والربع ، وأنت لا تدعه ، وإنما سمعتما حديثا واحدا - يعني حديث ابن عمر رافع - ؟ فقال : إني والله لو أعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله ما فعلته ؛ ولكن قال : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ابن عباس . من كانت له أرض فإنه إن يمنحها أخاه خير
هذا حديث له طرق وفيه اختلاف ألفاظ لا يمكن حصرها في هذا المختصر ، وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب .
فذهب بعضهم إلى أن من أن ذلك جائز ، والعقد صحيح ، وروي ذلك عن استأجر أرضا على جزء معين مما يخرج منها كالنصف أو الثلث أو الربع ، علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعمار بن ياسر ، وسعيد بن المسيب ، ومحمد بن سيرين ، وعمر بن عبد العزيز ، وابن أبي ليلى ، ومن أهل الرأي : وابن شهاب الزهري ، أبو يوسف القاضي ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة ، وقال : يجوز ذلك إذا كان البذر من رب الأرض ، وتمسكوا في ذلك بظاهر حديث أحمد بن حنبل ، قالوا : يؤكده [ ص: 415 ] حديث ابن عمر ؛ لأن قوله عليه السلام : ابن عباس . ليس فيه دلالة على اللزوم ، وإنما اللفظ صدر مصدر التخيير . لأن يمنحها أخاه خير
وفيهم من تمسك بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل ابن عمر أهل خيبر على الشطر مما يخرج من ثمر وزرع .
خالفهم في ذلك آخرون ، وقالوا : العقد فاسد ، وروي مثل ذلك عن عبد الله بن عمر ، ، وعبد الله بن عباس ، ورافع بن خديج وأسيد بن ظهير ، ، وأبي هريرة ونافع ، وإليه ذهب مالك ، ، ومن والشافعي الكوفيين : أبو حنيفة ، وتمسكوا في ذلك بأحاديث .
أخبرنا الفضل بن القاسم بن الفضل ، أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أبو نعيم ، أخبرنا ، أخبرنا أبو إسحاق المزكي ، حدثنا مكي بن عبدان مسلم ، حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، حدثني أبي ، عن جدي ، حدثني ، عن عقيل بن خالد أنه قال : أخبرني ابن شهاب ، أن سالم بن عبد الله عبد الله بن عمر كان يكري أرضه حتى بلغه أن كان ينهى عن كراء المزارعين ، فلقيه رافع بن خديج الأنصاري عبد الله فقال : يا بن خديج ، ماذا تحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كراء الأرض ؟ قال لعبد الله : سمعت [ ص: 416 ] عماي - وكانا قد شهدا رافع بن خديج بدرا - يحدثان أهل الدار . قال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن كراء الأرض عبد الله : لقد كنت أعلم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى ، ثم خشي عبد الله أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئا لم يكن علمه ، فترك كراء الأرض .
وقال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى ، حدثنا عن يزيد بن زريع أيوب ، عن نافع ، أن كان يكري مزارعه على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي إمارة ابن عمر أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وصدرا من خلافة معاوية ، حتى بلغه في آخر خلافة معاوية أن يحدث فيها بنهي النبي - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليه وأنا معه فسأله ، فقال : رافع بن خديج فتركها كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن كراء المزارع بعد ، وكان إذا سئل عنها بعد قال : زعم ابن عمر ابن خديج أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عنها .
قرئ على أبي المحاسن محمد بن عبد الخالق الجوهري ، أخبرك عبد الواحد بن إسماعيل الإمام في كتابه ، أخبرنا أحمد بن محمد البلخي ، حدثنا أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي قال : خبر من هذا الطريق خبر مجمل تفسره الأخبار التي رويت عن رافع بن خديج وعن غيره من طريق آخر ، وقد عقل رافع بن خديج ، المعنى من الخبر ، وأنه ليس [ ص: 417 ] المراد به تحريم المزارعة بشطر ما تخرجه الأرض ، وإنما أريد بذلك أن يتمانحوا أراضيهم ، وأن يرفق بعضهم بعضا . ابن عباس
وقد ذكر - في رواية أخرى عنه - النوع الذي حرم منها ، والعلة التي من أجلها نهى عنها . رافع بن خديج
قلت : أراد الخطابي بالرواية الأخرى ما أخبرنا أبو الفضائل بن أبي المطهر ، أخبرنا الحسن بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا إبراهيم بن محمد ، أخبرنا ، حدثنا مكي بن عبدان مسلم ، حدثنا ، أخبرنا محمد بن رمح بن المهاجر الليث ، عن ، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حنظلة بن قيس ، عن ، أنه قال : حدثني عماي أنهم رافع بن خديج : فكيف هي بالدنانير والدراهم ؟ فقال لرافع بن خديج رافع : لا بأس بها بالدنانير والدراهم . كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما ينبت على الأربعاء ، شيئا يستثنيه صاحب الأرض من التبن ، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك ، فقلت
قال الخطابي : فقد أعلمك رافع في هذا الحديث أن المنهي عنه هو المجهول منه دون المعلوم ، وأنه كان من عاداتهم أن يشترطوا فيها شروطا فاسدة ، وبسط الكلام فيه ، قلت : وإنما صدر هذا الكلام من الخطابي ظنا منه بأن المنهي عنه في خبر رافع إنما هو القدر المجهول ، ولو استقرأ طرق هذا الحديث لبان له أن النهي تناول المجهول والمعلوم ، وذلك بين في رواية . سليمان بن يسار
أخبرنا محمد بن عمر بن أبي عيسى ، عن محمد بن أبي عبد الله المطرز ، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن مهران ، أخبرنا إبراهيم بن محمد النيسابوري ، أخبرنا ، حدثنا مكي بن عبدان مسلم ، حدثنا أبو طاهر ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني ، عن جرير بن حازم ، عن يعلى بن حكيم سليمان [ ص: 418 ] بن يسار ، عن قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : رافع بن خديج . من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ، ولا يكريها أخاه ، ولا يكريها بالثلث ، ولا الربع ، ولا طعام مسمى
رواه عن سعيد بن أبي عروبة سليمان نحوه ، وقال مسلم بالإسناد ، حدثنا ، أخبرنا عبد بن حميد أبو عاصم ، عن ، حدثنا الأوزاعي عطاء ، عن جابر ، قال : الأنصار فضول أرضين ، وكانوا يكرونها بالثلث والربع ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه ، فإن أبى فليمسكها . كان لرجال من
ويروى هذا الحديث عن جابر من غير وجه ؛ فإن قيل : قد روى ، عن عروة بن الزبير أنه قال : يغفر الله زيد بن ثابت لرافع ؛ أنا والله أعلم منه بالحديث ، الأنصار قد اقتتلا ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كان شأنكم هذا فلا تكروا المزارع . إنما أتاه رجلان من
وهذا يدل على أن الذي صدر من النبي - صلى الله عليه وسلم - كان على وجه المشورة والإرشاد دون الإلزام والإيجاب ، والجواب : أن هذا غير قادح فيما ذكرناه من دلالة النهي ، فإن الاعتبار بلفظ النهي وعمومه دون السبب ، فإن قيل : قول : إن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس فيه [ ص: 419 ] دلالة على أن هذا الحكم كان مأذونا فيه من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن هذا من قبيل الأمور الدنيوية ، فليس من شرطه إحاطة علم النبي - صلى الله عليه وسلم - به ، وما لم يثبتوا ذلك لا يستقيم لكم ادعاء النسخ إذ ابن عمر . المنسوخ لا بد وأن يكون حكما شرعيا
يقال على هذا الكلام : إن أكثر المحققين ذهبوا إلى أن ظاهر في الدلالة على جواز الفعل ، وأن ذكر الصحابي نحو ذلك في معرض الحجة ، يدل على أنه أراد ما علمه رسول الله وسكت عنه ، دون ما لم يبلغه ، وذلك يدل على الجواز ، ثم في حديث قول الصحابي : كنا نفعل كذا ، وكانوا يفعلون كذا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل عليه ، حيث قال : ابن عمر ، قال : ثم خشي لقد كنت أعلم في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأرض تكرى عبد الله أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحدث في ذلك شيئا ، ولو لم يعلم بأن ما كان يذهب إليه من الجواز كان مستندا إلى إذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان يتوقف في ذلك .