الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            18194 وعن أسلم قال : حج عمر عام الرمادة سنة ست عشرة ، حتى إذا كان بين السقيا والعرج في جوف الليل عرض له راكب على الطريق فصاح : أيها الركب ، أفيكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقال له عمر : ويلك ، أتعقل ؟ ! قال : العقل ساقني إليك ، أتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فقالوا : توفي ، فبكى وبكى الناس معه . فقال : من ولي الأمر بعده ؟ قالوا : ابن أبي قحافة ، فقال : أحنف بني تميم ؟ فقالوا : نعم . فقال : فهو فيكم ؟ قالوا : لا . قد توفي ، فدعا ، ودعا الناس . فقال : من ولي الأمر من بعده ، قالوا : عمر . قال : أحمر بني عدي ؟ قالوا : نعم . هو الذي يكلمك ، فقال : فأين كنتم عن أبيض بني أمية ، أو أصلع بني هاشم ؟ قالوا : قد كان ذاك فما حاجتك ؟ قال : لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أبو عقيل الجعيلي على ردهة جعيل ، فأسلمت ، وبايعت ، وشربت معه شربة من سويق ، شرب أولها ، وسقاني آخرها ، فوالله ، ما زلت أجد شبعها كلما جعت ، وبردها كلما عطشت ، وريها كلما ظمئت إلى يومي هذا ، ثم تسنمت هذا الجبل الأبعر أنا وزوجتي وبنات لي ، فكنت فيه أصلي كل يوم وليلة خمس صلوات ، وأصوم شهرا في السنة ، وأذبح لعشر ذي الحجة ، فذلك ما علمني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت هذه السنة ، فوالله ، ما بقيت لنا شاة إلا شاة واحدة ، بغتها الذئب البارحة ; فأكل بعضها وأكلنا بعضها ، فالغوث الغوث ! فقال عمر : أتاك الغوث ، أصبح معنا بالماء . ومضى عمر حتى الماء وجعل ينتظر ، وأخر الرواح من أجله ، فلم يأت . فدعا صاحب الماء فقال : إن أبا عقيل الجعيلي معه ثلاث بنات له وزوجه ، فإذا جاءك فأنفق عليه وعلى أهله وولده حتى أمر بك راجعا إن شاء الله ، فلما قضى عمر حجه ورجع دعا صاحب الماء فقال : ما فعل أبو عقيل ؟ فقال : جاءني الغد يوم حدثتني ، فإذا هو موعوك فمرض عندي ليال ثم مات ، فذاك قبره . فأقبل عمر على أصحابه فقال : لم يرض الله له فتنتكم ، ثم قام في الناس فصلى عليه ، وضم بناته وزوجته ، فكان ينفق عليهم . رواه الطبراني في الأوسط ، وفيه جماعة لم أعرفهم .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية