الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            15786 وعن أبي سلمة ، ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قالا : لما هلكت خديجة ، جاءت خولة بنت حكيم - امرأة [ ص: 226 ] عثمان بن مظعون - فقالت : يا رسول الله ، ألا تزوج ؟ قال : " من ؟ " . قالت : إن شئت بكرا ، وإن شئت ثيبا ؟ قال : " فمن البكر ؟ " . قالت : بنت أحب خلق الله عليك : عائشة بنت أبي بكر . قال : " ومن الثيب ؟ " . قالت : سودة ابنة زمعة ، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول . قال : " اذهبي فاذكريها علي " . فأتت أم رومان ، فقالت : يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة ! قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطب عليه عائشة . قالت : انتظري أبا بكر حتى يأتي . فجاء أبو بكر ، فقالت : يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ! قال : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطب عائشة . قال : وهل تصلح له ؟ إنما هي ابنة أخيه ! فرجعت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك له ، قال : " ارجعي ، فقولي له : أنا أخوك وأنت أخي في الإسلام ، وابنتك تصلح لي " . فرجعت فذكرت ذلك له ، فقال : انتظري ، وخرج . قالت أم رومان : إن مطعم بن عدي كان قد ذكرها على ابنه ، فوالله ما وعد وعدا قط فأخلفه لأبي بكر ، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي ، أقول : هذه تقول إنك تقول ذلك ، فخرج من عنده وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عدته التي وعد ، فقال لخولة : ادعي لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعته فزوجها إياه ، وعائشة - رضي الله عنها - يومئذ بنت ست سنين .

                                                                                            ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة ، فقالت : ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ! قالت : وما ذاك ؟ قالت : أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخطبك عليه قالت : وددت ، ادخلي على أبي فاذكري ذلك له ، وكان شيخا كبيرا قد أدركته السن ، قد تخلف عن الحج ، فدخلت عليه فحيته بتحية الجاهلية ، فقال : من هذه ؟ فقالت : خولة ابنة حكيم . قال : فما شأنك ؟ قالت : أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة ، فقال : كفؤ كريم ، فماذا تقول صاحبتك ؟ قالت : تحب ذلك ، قال : ادعيها فدعتها لي فقال : أي بنية ، إن هذه تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك وهو كفؤ كريم ، أتحبني أن أزوجك به قالت : نعم، قال : ادعيه لي ، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فزوجها إياه . فجاء أخوها عبد بن زمعة من الحج ، فجعل يحثي في رأسه التراب ، فقال بعد أن أسلم : لعمري إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سودة ابنة زمعة .

                                                                                            قالت عائشة : فقدمنا المدينة ، فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج بالسنح . قالت : فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل بيتنا[واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء] ، فجاءت بي أمي وأنا في أرجوحة ترجح بي بين عذقين ، فأنزلتني من الأرجوحة ولي [ ص: 227 ] جميمة ، ففرقتها ومسحت وجهي بشيء من ماء ، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت عند الباب ، وإني لأنهج حتى سكن من نفسي ، ثم دخلت بي فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس على سرير في بيتنا ، وعنده رجال ونساء من الأنصار ، فأجلستني في حجرة ، ثم قالت : هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم ، وبارك لهم فيك . فوثب الرجال والنساء فخرجوا ، وبنى بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيتنا ، ما نحرت علي جزور ولا ذبحت علي شاة ، حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة ، كان يرسل بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دار إلى نسائه ، وأنا يومئذ ابنة تسع سنين
                                                                                            . قلت : في الصحيح طرف منه .

                                                                                            رواه أحمد ، بعضه صرح فيه بالاتصال عن عائشة ، وأكثره مرسل ، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وثقه غير واحد . وبقية رجاله رجال الصحيح .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية