[ تعارض الرفع والوقف ] : ( ورأوا ) أي : أهل الحديث في ، بأن يروي الحديث بعض الثقات مرفوعا ، وبعضهم موقوفا ، وهي المسألة الثانية ( أن الأصح ) كما قال تعارض الوقف والرفع ( الحكم للرفع ) ; لأن راويه مثبت وغيره ساكت ، ولو كان نافيا فالمثبت مقدم عليه ; لأنه علم ما خفي عليه . ابن الصلاح
والثاني : أن الحكم لمن وقف ، حكاه الخطيب أيضا عن أكثر أصحاب الحديث ، وفيها ثالث أشار إليه في موضوعاته ; حيث قال : إن ابن الجوزي البخاري ومسلما تركا أشياء تركها قريب ، وأشياء لا وجه لتركها ، فمما لا وجه لتركه أن يرفع الحديث ثقة فيقفه آخر ، فترك هذا لا وجه له ; لأن الرفع زيادة ، والزيادة من الثقة مقبولة ، إلا أن يقفه الأكثرون ويرفعه واحد ، فالظاهر غلطه ، وإن كان من الجائز أن يكون حفظ دونهم . انتهى .
ونحوه قول الحاكم : قلت : للدارقطني ؟ فقال : ثقة ، إنما أخطأ في حديث واحد ، فرفعه ووقفه الناس ، وقلت له : فخلاد بن يحيى فسعيد بن عبيد الله [ ص: 220 ] الثقفي ؟ فقال : ليس بالقوي ، يحدث بأحاديث يسندها وغيره يقفها ، ولكن الأول كما تقدم أصح .
( ولو ) كان الاختلاف ( من ) راو ( واحد في ذا وذا ) أي : في كل من الموضعين ; كأن يرويه مرة متصلا أو مرفوعا ، ومرة مرسلا أو موقوفا ( كما حكوا ) أي : الجمهور ، وصرح بتصحيحه . ابن الصلاح
وعبارة الناظم في تخريجه الكبير للإحياء عقب حديث اختلف راويه في رفعه ووقفه : الصحيح الذي عليه الجمهور أن فالحكم للرفع ; لأن معه في حالة الرفع زيادة ، هذا هو المرجح عند أهل الحديث . انتهى . الراوي إذا روى الحديث مرفوعا وموقوفا
وأما الأصوليون فصحح بعضهم - كالإمام فخر الدين وأتباعه - أن الاعتبار في المسألتين بما وقع منه أكثر ، وزعم بعضهم أن الراجح من قول أئمة الحديث في كليهما التعارض ، على أن الماوردي قد نقل عن - رحمه الله - أنه يحمل الموقوف على مذهب الراوي ، والمسند على أنه روايته ، يعني فلا تعارض حينئذ . الشافعي
ونحوه قول الخطيب : اختلاف الروايتين في الرفع والوقف لا يؤثر في الحديث ضعفا ; لجواز أن يكون الصحابي يسند الحديث ويرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - مرة ، ويذكر مرة على سبيل الفتوى بدون رفع ، فيحفظ الحديث عنه على الوجهين جميعا .
لكن خص شيخنا هذا بأحاديث الأحكام ، أما ما لا مجال للرأي فيه فيحتاج إلى نظر ; يعني في توجيه الإطلاق ، وإلا فقد تقدم أن حكمه الرفع لا سيما وقد رفعه أيضا .
ثم إن محل الخلاف - كما قاله ابن عبد الهادي إذا - اتحد السند ، أما إذا [ ص: 221 ] اختلف فلا يقدح أحدهما في الآخر إذا كان ثقة جزما ، كرواية عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة نافع ، عن رفعه : ابن عمر إذا اختلطوا ، فإنما هو التكبير والإشارة بالرأس الحديث في صلاة الخوف .
ورواه أيضا ، عن ابن جريج ابن كثير ، عن مجاهد من قوله ، فلم يعدوا ذلك علة لاختلاف السندين فيه ، بل المرفوع في صحيح ، ولشيخنا " بيان الفصل لما رجح فيه الإرسال على الوصل " ، و " مزيد النفع لمعرفة ما رجح فيه الوقف على الرفع " . البخاري