الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث للعراقي

السخاوي - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي

صفحة جزء
مراتب التعديل


326 - والجرح والتعديل قد هذبه ابن أبي حاتم إذ رتبه      327 - والشيخ زاد فيهما وزدت
ما في كلام أهله وجدت [ ص: 113 ]      328 - فأرفع التعديل ما كررته
كثقة ثبت ولو أعدته      329 - ثم يليه ثقة أو ثبت أو
متقن أو حجة أو إذا عزوا      330 - الحفظ أو ضبطا لعدل ويلي
ليس به بأس صدوق وصل      331 - بذاك مأمونا خيارا وتلا
محله الصدق رووا عنه إلى      332 - الصدق ما هو ؟ وكذا شيخ وسط
أو وسط فحسب ، أو شيخ فقط      333 - وصالح الحديث أو مقاربه
جيده حسنه مقاربه      334 - صويلح صدوق إن شاء الله
أرجو بأن ليس به بأس عراه      335 - وابن معين قال من أقول لا
بأس به فثقة ونقلا      336 - أن ابن مهدي أجاب من سأل
أثقة كان أبو خلدة بل      337 - كان صدوقا خيرا مأمونا
الثقة الثوري لو تعونا      338 - وربما وصف ذا الصدق وسم
ضعفا بصالح الحديث إذ يسم

[ مراتب التعديل ] : وهي ست ، وقدمت لشرفها ولموازاة الباب قبلها ، التي هي وما بعدها من تتماته ، ولذا أردفه بها .

( والجرح والتعديل ) المنقسمان إلى أعلى وأدنى وبين ذلك ، حسبما دل عليه تنويعهم للألفاظ المصطلح عليها لهما اختصارا ، مع شمول القبول والرد لها ( قد هذبه ) بالمعجمة ; أي : هذب كلا منهما ، حيث نقى اللفظ الصادر منهم فيهما ( ابن أبي حاتم ) [ بغير تنوين للوزن وبه ، مع ترك همزة ما بعده ] ، هو الإمام أبو محمد عبد الرحمن ابن الإمام أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي ; ( إذ رتبه ) في مقدمة كتابه ( الجرح والتعديل ) فأجاد وأحسن ، [ ص: 114 ] كما قال ابن الصلاح .

( والشيخ ) ابن الصلاح ( زاد ) عليه ( فيهما ) ألفاظا أخذها من كلام غيره من الأئمة ( و ) كذا ( زدت ) على كل من ابن الصلاح وابن أبي حاتم ( ما في كلام ) أئمة ( أهله ) أي : الحديث ( وجدت ) من الألفاظ في ذلك ، يعني : بدون استقصاء ، وإلا فمن نظر كتب الرجال ، ككتاب ابن أبي حاتم المذكور ، و ( الكامل ) لابن عدي ، و ( التهذيب ) وغيرها ، ظفر بألفاظ كثيرة ، ولو اعتنى بارع بتتبعها ، ووضع كل لفظة بالمرتبة المشابهة لها ، مع شرح معانيها لغة واصطلاحا لكان حسنا .

وقد كان شيخنا يلهج بذكر ذلك ، فما تيسر ، والواقف على عبارات القوم يفهم مقاصدهم بما عرف من عباراتهم في غالب الأحوال ، وبقرائن ترشد إلى ذلك ( فأرفع ) مراتب ( التعديل ) ما أتى ، كما قال شيخنا ، بصيغة أفعل ، كأن يقال : أوثق الناس ، أو أثبت الناس ، أو نحوهما ، مثل قول هشام بن حسان : حدثني أصدق من أدركت من البشر محمد بن سيرين ; لما تدل عليه هذه الصيغة من الزيادة .

وألحق بها شيخنا : " إليه المنتهى في التثبت " ، وهل يلتحق بها مثل قول الشافعي في ابن مهدي : لا أعرف له نظيرا في الدنيا ؟ محتمل . ثم يليه ما هو [ ص: 115 ] المرتبة الأولى عند بعضهم ، قولهم : فلان لا يسأل عن مثله ، ونحو ذلك . ثم يليه ما هو المرتبة الأولى عند الذهبي في مقدمة ميزانه ، وتبعه الناظم ( ما كررته ) [ من ألفاظ المرتبة التالية لهذه خاصة ، مع تباين الألفاظ ( كثقة ثبت ) ، أو ثبت حجة ( ولو أعدته ) أي : اللفظ الواحد كثقة ثقة ، [ أو ثبت ثبت ] ; لأن التأكيد الحاصل بالتكرار فيه زيادة على الكلام الخالي منه . وعلى هذا فما زاد على مرتين مثلا يكون أعلى منها ، كقول ابن سعد في شعبة : ثقة ، مأمون ، ثبت ، حجة ، صاحب حديث .

وأكثر ما وقفنا عليه من ذلك قول ابن عيينة : حدثنا عمرو بن دينار ، وكان ثقة ثقة تسع مرات ، وكأنه سكت لانقطاع نفسه .

( ثم يليه ) ما هو المرتبة الأولى عند ابن أبي حاتم ، وتبعه ابن الصلاح ، والثانية عند الناظم ، والرابعة بالنسبة لما قررناه ( ثقة أو ثبت ) ، بسكون الموحدة ، الثابت القلب واللسان والكتاب والحجة ، وأما بالفتح فما يثبت فيه المحدث مسموعه مع أسماء المشاركين له فيه ; لأنه كالحجة عند الشخص لسماعه وسماع غيره .

[ ص: 116 ] ومن صيغ هذه المرتبة كأنه مصحف : ( أو ) فلان ( متقن أو حجة أو إذا عزوا ) [ بنقل همزة الثلاثة مع التنوين ، وإن اتزن مع تركه بالقطع ] ; أي : نسب الأئمة ( الحفظ أو ) نسبوا ( ضبطا لعدل ) كأن يقال فيه : حافظ أو ضابط ; إذ مجرد الوصف بكل منهما غير كاف في التوثيق ، بل بين [ العدل وبينهما عموم وخصوص من وجه ; لأنه يوجد بدونهما ، ويوجدان بدونه ، وتوجد الثلاثة ] .

ويدل لذلك أن ابن أبي حاتم سأل أبا زرعة عن رجل ، فقال : " حافظ ، فقال له : أهو صدوق ؟ " وكان أبو أيوب سليمان بن داود الشاذكوني من الحفاظ الكبار ، إلا أنه كان يتهم بشرب النبيذ وبالوضع ، حتى قال البخاري : هو أضعف عندي من كل ضعيف .

ورؤي بعد موته في النوم ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي ، فقيل : بماذا ؟ قال : كنت في طريق أصبهان ، فأخذني مطر ، وكان معي كتب ، ولم أكن تحت سقف ولا شيء ، فانكببت على كتبي ، حتى أصبحت وهدأ المطر ، فغفر الله لي بذلك في آخرين ، والظاهر أن مجرد الوصف بالإتقان كذلك ، قياسا على الضبط ; إذ هما متقاربان ، لا يزيد الإتقان على الضبط سوى إشعاره بمزيد الضبط ، وصنيع ابن أبي حاتم يشعر به ; فإنه قال : إذا قيل للواحد : إنه ثقة أو متقن ثبت ، فهو ممن يحتج بحديثه ; حيث أردف المتقن بثبت المقتضي للعدالة ، بدون [ ص: 117 ] " أو " التي عبر بها في غيرها ، وحينئذ فلا يعترض على ابن الصلاح في جعله لفظ ثبت من زياداته على ابن أبي حاتم ; لأنها فيما ظهر كما قررناه ليست مستقلة .

وكذا لم يقع في كلامه لفظ الحجة وما بعدها ، بل الثلاثة من زيادات ابن الصلاح مع تفاوتها ، فكلام أبي داود يقتضي أن الحجة أقوى من الثقة ، وذلك أن الآجري سأله عن سليمان ابن بنت شرحبيل ، فقال : " ثقة يخطئ ، كما يخطئ الناس ، قال الآجري : فقلت : هو حجة ؟ قال : الحجة أحمد بن حنبل " .

وكذا قال عثمان بن أبي شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس : ثقة وليس بحجة . وقال ابن معين في محمد بن إسحاق : ثقة وليس بحجة ، وفي أبي أويس : صدوق وليس بحجة .

وكأن هذه النكتة قدمها الخطيب ; حيث قال : أرفع العبارات أن يقال : حجة أو ثقة .

ثم إن ما تقدم في أن الوصف بالضبط والحفظ ، وكذا الإتقان ، لابد أن يكون في عدل هو حيث لم يصرح ذاك الإمام به ، إذ لو صرح به كان أعلى ، ولذا أدرج شيخنا عدلا ضابطا في التي قبلها .

وخالف الذهبي فعد حافظا ثقة من هذه ، وأدرج في ألفاظها إماما فقط ، [ ص: 118 ] وجعل ثقة ، وقوي الحديث ، وصحيحه ، وجيد المعرفة ، مرتبة أخرى ، وفيه نظر ، ولابد في آخرها أيضا أن يكون لعدل .

( ويلي ) هذه المرتبة خامسة ، وهي قولهم : ( ليس به بأس ) ، أو لا بأس به ، أو ( صدوق ) ، وصف بالصدق على طريق المبالغة ، لا محله الصدق ، وإن أدرجها ابن أبي حاتم ، ثم ابن الصلاح هنا ; فإنها كما سيأتي تبعا للذهبي من التي بعدها ( وصل ) بكسر اللام مما لم يذكره ابن الصلاح ( بذاك ) أي : بقول : ليس به بأس والذين بعده ( مأمونا ) أو ( خيارا ) من الخير ضد الشر . ومن ذلك الوصف لسيف بن عبيد الله بأنه من خيار الخلق ، كما وقع في أصل حديثه من سنن النسائي .

( وتلا ) هذه المرتبة سادسة ، وهي ( محله الصدق ) ، خلافا لابن أبي حاتم ، ثم ابن الصلاح ، وتبعا للذهبي كما تقدم ، و ( رووا عنه ) ، أو روى الناس عنه ، أو يروى عنه ، أو ( إلى الصدق ما هو ) ، يعني : أنه ليس ببعيد عن الصدق .

و ( كذا شيخ وسط أو وسط فحسب ) أي : بدون شيخ ( أو شيخ فقط ) أي : بدون وسط ، ولم يذكر ابن الصلاح تبعا لابن أبي حاتم في هذه المرتبة التي هي عندهما الثالثة غير الأخيرة . نعم ، زاد عليه مما لم يرتبه : وسطا ، وروى الناس عنه ، ومقارب الحديث .

( و ) منها أيضا ( صالح الحديث ) ، وهي عندهما الرابعة ، بل حكى ابن الصلاح عن أبي جعفر أحمد بن سنان ، كما سيأتي قريبا .

[ ص: 119 ] قال : كان ابن مهدي ربما جرى ذكر الرجل فيه ضعف ، وهو صدوق ، فيقول : صالح الحديث . وهذا يقتضي أنها هي والوصف بصدوق عند ابن مهدي سواء . ومنها : يعتبر به ; أي : في المتابعات والشواهد ، أو : يكتب حديثه ( أو مقاربه ) أي : الحديث ، من القرب ضد البعد ، وهو بكسر الراء كما ضبط في الأصول الصحيحة من كتاب ابن الصلاح المسموعة عليه ، وكذا ضبطها النووي في مختصريه ، وابن الجوزي ، ومعناه أن حديثه مقارب لحديث غيره من الثقات ، أو ( جيده ) أي : الحديث من الجودة ، أو ( حسنه ) ، أو ( مقاربه ) بفتح الراء ; أي : حديثه يقاربه حديث غيره ، فهو على المعتمد ، بالكسر والفتح ، وسط لا ينتهي إلى درجة السقوط ولا الجلالة ، وهو نوع مدح ، وممن ضبطها بالوجهين ابن العربي ، وابن دحية ، والبطليوسي ، وابن رشيد في رحلته .

قال : ومعناها يقارب الناس في حديثه ويقاربونه ; أي : ليس حديثه بشاذ ولا منكر . قال : ومما يدلك على أن مرادهم بهذا اللفظ هذا المعنى ما قاله الترمذي في آخر باب : من فضائل الجهاد ، من جامعه ، وقد جرى له ذكر [ ص: 120 ] إسماعيل بن رافع ، فقال : ضعفه بعض أهل الحديث ، وسمعت محمدا ، يعني البخاري ، يقول : هو ثقة مقارب الحديث .

وقال في باب ما جاء من أذن فهو يقيم : والأفريقي - يعني عبد الرحمن - ضعيف عند أهل الحديث ، ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره ، وقال أحمد : لا أكتب عنه ، قال الترمذي : ورأيت البخاري يقوي أمره ويقول : هو مقارب الحديث ، فانظر إلى قول الترمذي ، إن قوله : مقارب الحديث ، تقوية لأمره ، وتفهمه ; فإنه من المهم الخافي الذي أوضحناه - انتهى .

ومنها : ما أقرب حديثه ، أو ( صويلح أو صدوق إن شاء الله ) بنقل الهمزة ، أو ( أرجو بأن ) أي : أن ( ليس به بأس عراه ) بمهملتين ; أي : غشيه .

وقد خالف الذهبي في أهل هذه المرتبة ، فجعل " محله الصدق " ، و " حسن الحديث " و " صالحه " ، و " صدوقا إن شاء الله " مرتبة ، و " روى الناس عنه " ، و " شيخا " ، و " صويلحا " ، و " مقاربا " ، مع " ما به المسكين بأس " ، و " يكتب حديثه " ، و " ما علمت فيه جرحا " أخرى . وأما قولهم : ما أعلم به بأسا ، فقد صرح ابن الصلاح بأنه دون : لا بأس ، وهو ظاهر .

وقال الشارح : إن " أرجو لا بأس به " أرفع من " ما أعلم به بأسا " ; فإنه لا يلزم من عدم العلم بالشيء حصول الرجاء به ، وكأنه بالنظر لذلك قال : مراتب التعديل على أربع أو خمس .

[ ص: 121 ] ويحتمل على بعد أن يكون نظرا لتفرقة الذهبي ، [ ويشبه أن يكون من هذه المرتبة " فطن كيس " ، فإن انضم إليهما صحيح ، كما ليحيى القطان في حجاج بن أبي عثمان الصواف ، فأعلى ] .

وبالجملة ، فالضابط في أدنى مراتب التعديل كل ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح ، ثم إن الحكم في أهل هذه المراتب الاحتجاج بالأربعة الأولى منها ، وأما التي بعدها فإنه لا يحتج بأحد من أهلها ; لكون ألفاظها لا تشعر بشريطة الضبط ، بل يكتب حديثهم ويختبر .

قال ابن الصلاح : وإن لم يستوف النظر المعرف ، بكون ذلك المحدث في نفسه ضابطا مطلقا ، واحتجنا إلى حديث من حديثه ، اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا هل له أصل من رواية غيره ، كما تقدم بيان طريقة الاعتبار في محله .

وأما السادسة ، فالحكم في أهلها دون أهل التي قبلها ، وفي بعضهم من يكتب حديثه للاعتبار دون اختبار ضبطهم ; لوضوح أمرهم فيه .

وإلى هذا أشار الذهبي بقوله : إن قولهم : ثبت وحجة وإمام وثقة ومتقن ، من عبارات التعديل التي لا نزاع فيها ، وأما صدوق وما بعده ، يعني من أهل هاتين المرتبتين اللتين جعلهما ثلاثا ، فمختلف فيها بين الحفاظ هل هي توثيق أو تليين .

وبكل حال ، فهي منخفضة عن كمال رتبة التوثيق ، ومرتفعة عن رتب التجريح .

فإن قيل : ما تقدم يقتضي أن الوصف بثقة أرفع من " ليس به بأس " ( وابن معين ) [ ص: 122 ] بفتح الميم ، هو يحيى الإمام المقدم في الجرح والتعديل ، سوى بينهما ; إذ قيل له : إنك تقول : فلان ليس به بأس ، وفلان ضعيف ( قال : من أقول ) فيه : ( لا بأس به فثقة ) ، ومن أقول فيه : ضعيف ، فليس بثقة لا يكتب حديثه .

ونحوه قول أبي زرعة الدمشقي : قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم دحيم ، يعني الذي كان في أهل الشام كأبي حاتم في أهل المشرق : " ما تقول في علي بن حوشب الفزاري ؟ قال : لا بأس به ، قال : فقلت : ولم لا تقول : ثقة ، ولا نعلم إلا خيرا ؟ قال : قد قلت لك : إنه ثقة " . فالجواب كما قال ابن الصلاح أن ابن معين إنما نسب ما تقدم لنفسه بخلاف ابن أبي حاتم ، فهو عن صنيعهم .

قلت : ولو لم يكن صنيعهم كذلك ما سأل أبو زرعة ، لكن جواب دحيم موافق لابن معين ، فكأنه اختياره أيضا .

وأجاب الشارح أيضا بما حاصله أن ابن معين لم يصرح بالتسوية بينهما ، بل أشركهما في مطلق الثقة ، وذلك لا يمنع ما تقدم ، وهو حسن .

وكذا أيده غيره بأنهم قد يطلقون الوصف بالثقة على من كان مقبولا ، ولو لم يكن ضابطا ، فقول ابن معين هنا يتمشى عليه . ( ونقلا ) بالبناء للمفعول ، مما يتأيد به أرجحية الوصف بالثقة ( أن ابن مهدي ) ، هو عبد الرحمن الإمام القدوة في هذا [ ص: 123 ] الشأن ، حين روى عن أبي خلدة ، بسكون اللام ، خالد بن دينار التميمي السعدي البصري الخياط التابعي ( أجاب من سأل ) منه ، وهو عمرو بن علي الفلاس : ( أثقة كان أبو خلدة ) بقوله : ( بل كان صدوقا ) ، وكان ( خيرا ) أو خيارا ، وكان ( مأمونا الثقة ) شعبة وسفيان ( الثوري ) ، وربما وجد في بعض الروايات عن ابن مهدي : مسعر ، بدل الثوري ( لو ) كنتم ( تعونا ) أي : تفهمون مراتب الرواة ، ومواقع ألفاظ الأئمة ، ما سألتم عن ذلك ، فصرح بأرجحيتها على كل من " صدوق ، وخير ، ومأمون " ، الذي كل منها من مرتبة " ليس به بأس " .

ولا يخدش فيه قول ابن عبد البر : كلام ابن مهدي لا معنى له في اختيار الألفاظ ; إذ أبو خلدة ثقة عند جميعهم ، يعني كما صرح به الترمذي ; حيث قال : هو ثقة عند أهل الحديث ; فإن هذا لا يمنع الاستدلال المشار إليه .

ونحوه ما حكاه المروذي ، قال : قلت لأحمد بن حنبل : عبد الوهاب بن عطاء ثقة ؟ قال : تدري من الثقة ؟ الثقة يحيى بن سعيد القطان . هذا مع توثيق ابن معين وجماعة له .

( و ) كذا ( ربما ) أي : وفي بعض الأحيان ( وصف ) ابن مهدي فيما حكاه أبو جعفر أحمد بن سنان عنه كما قدمته [ ( ذا الصدق ) الذي ( وسم [ ص: 124 ] ضعفا ) أي : الصدوق من الرواة الموسوم بالضعف لسوء حفظه وغلطه ونحو ذلك ( بصالح الحديث ) المنحط عن مرتبة " ليس به بأس " ( إذ يسم ) بفتح التحتانية وكسر المهملة ; أي : حين يعلم على الرواة بلفظه أو كتابه بما يتميز به مراتبهم إلى غير ذلك مما يشهد لاصطلاحهم ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية