الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        286 - الحديث السابع : عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال { تصدق علي أبي ببعض ماله . فقالت أمي عمرة بنت رواحة : لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشهد على صدقتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفعلت هذا بولدك كلهم ؟ قال : لا . قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم فرجع أبي ، فرد تلك الصدقة . وفي لفظ فلا تشهدني إذا . فإني لا أشهد على جور وفي لفظ فأشهد على هذا غيري } .

                                        التالي السابق


                                        الحديث : يدل على طلب التسوية بين الأولاد في الهبات ، والحكمة فيه : أن التفضيل يؤدي إلى الإيحاش والتباغض ، وعدم البر من الولد لوالده . أعني الولد المفضل عليه . واختلفوا في هذه التسوية : هل تجري مجرى الميراث في تفضيل الذكر على الأنثى ، أم لا ؟ فظاهر الحديث : يقتضي التسوية مطلقا . واختلف الفقهاء في التفضيل : هل هو محرم ، أو مكروه ؟ فذهب بعضهم إلى أنه محرم ، لتسميته صلى الله عليه وسلم إياه جورا " وأمره بالرجوع فيه ، ولا سيما إذا أخذنا بظاهر الحديث : أنه كان صدقة ، فإن الصدقة على الولد لا يجوز الرجوع فيها . فإن الرجوع ههنا يقتضي أنها وقعت على غير الموقع الشرعي ، حتى نقضت بعد لزومها . ومذهب الشافعي ومالك : أن هذا التفضيل مكروه لا غير ، وربما استدل على ذلك بالرواية التي قيل فيها أشهد على هذا غيري " فإنها تقتضي إباحة إشهاد الغير ، ولا يباح إشهاد الغير إلا على أمر جائز . ويكون امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من [ ص: 539 ] الشهادة على وجه التنزه . وليس هذا بالقوي عندي ; لأن الصيغة وإن كان ظاهرها الإذن - إلا أنها مشعرة بالتنفير الشديد عن ذلك الفعل ، حيث امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم من المباشرة لهذه الشهادة ، معللا بأنها جور . فتخرج الصيغة عن ظاهر الإذن بهذه القرائن . وقد استعملوا مثل هذا اللفظ في مقصود التنفير . ومما يستدل به على المنع أيضا : قوله " اتقوا الله " فإنه يؤذن بأن خلاف التسوية ليس بتقوى ، وأن التسوية تقوى .




                                        الخدمات العلمية