الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        معلومات الكتاب

                                        إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

                                        ابن دقيق العيد - محمد بن علي بن وهب بن مطيع

                                        صفحة جزء
                                        81 - الحديث السادس : عن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم وذا الحاجة ، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء } .



                                        82 - وما في معناه من حديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه وهو الحديث السابع قال : { جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان ، مما يطيل بنا ، قال : فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ ، فقال : يا أيها الناس ، إن منكم منفرين ، فأيكم أم الناس فليوجز ، فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة }

                                        التالي السابق


                                        حديث أبي هريرة وأبي مسعود واسمه عقبة بن عمرو ويعرف بالبدري . والأكثر على أنه لم يشهد بدرا . ولكنه نزلها ، فنسب إليها - يدلان على التخفيف في صلاة الإمام . والحكم فيها مذكور مع علته ، وهو المشقة اللاحقة للمأمومين إذا طول . وفيه - بعد ذلك - بحثان أحدهما : أنه لما ذكرت العلة وجب أن يتبعها الحكم ، فحيث يشق على [ ص: 231 ] المأمومين التطويل ، ويريدون التخفيف : يؤمر بالتخفيف . وحيث لا يشق ، أو لا يريدون التخفيف : لا يكره التطويل . وعن هذا قال الفقهاء : إنه إذا علم من المأمومين : أنهم يؤثرون التطويل طول ، كما إذا اجتمع قوم لقيام الليل . فإن ذلك - وإن شق عليهم - فقد آثروه ودخلوا عليه .

                                        الثاني : التطويل والتخفيف : من الأمور الإضافية . فقد يكون الشيء طويلا بالنسبة إلى عادة قوم . وقد يكون خفيفا بالنسبة إلى عادة آخرين . وقد قال بعض الفقهاء : إنه لا يزيد الإمام على ثلاث تسبيحات في الركوع والسجود . والمروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك ، مع أمره بالتخفيف . فكأن ذلك ; لأن عادة الصحابة لأجل شدة رغبتهم في الخير يقتضي أن لا يكون ذلك تطويلا . هذا إذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عاما في صلواته أو أكثرها . وإن كان خاصا ببعضها ، فيحتمل أن يكون ; لأن أولئك المأمومين يؤثرون التطويل وهو متردد بين أن لا يكون تطويلا بسبب ما يقتضيه حال الصحابة ، وبين أن يكون تطويلا لكنه بسبب إيثار المأمومين . وظاهر الحديث المروي : لا يقتضي الخصوص ببعض صلواته صلى الله عليه وسلم . وحديث أبي مسعود : يدل على الغضب في الموعظة . وذلك يكون : إما لمخالفة الموعوظ لما علمه ، أو التقصير في تعلمه . والله أعلم .




                                        الخدمات العلمية