الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4171 - وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النقي من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله .

وقال : ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منخلا من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله ، قيل : كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول ؟ ، قال كنا نطحنه وننفخه ، فيطير ما طار ، وما بقي ثريناه فأكلناه
" . رواه البخاري .

التالي السابق


4171 - ( وعن سهل بن سعد ) : - رضي الله عنهما - ( قال ما رأى رسول الله رأس النقي ) بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء أي الخبز الخالي من النخالة ، قيل : هو الحوارى بضم الحاء وتشديد الواو وفتح الراء ، وهو ما بقي دقيقه من النخالة وما يعيبه ، وقيل : أي ما نخل مرة بعد أخرى حتى يصير نظيفا أبيض ، ويقال له بالفارسية " تنيده ، والمعنى ما رآه فضلا عن أكله ، ففيه مبالغة لا تخفى ( من حين ) : بفتح النون ، وفي نسخة بتنوينه مجرورا أي من زمان ( ابتعثه الله ) أي أوحى إليه ( حتى قبضه الله ) أي : توفاه .

قال العسقلاني : أظن أن سهلا احترز عما كان قبل البعث لأنه - صلى الله عليه وسلم - توجه في أيام الفترة مرتين إلى جانب الشام تاجرا ، ووصل إلى بصرى وحضر في ضيافة " بحيراء " الراهب ، وكانت الشام إذ ذاك مع الروم ، والخبز [ ص: 2697 ] النقي عندهم كثير ، فالظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى ذلك عندهم ، وأما بعد ظهور النبوة فلا شك أنه في مكة والطائف والمدينة ، وقد اشتهر أن سبيل العيش صار مضيقا عليه ، وعلى أكثر الصحابة اضطرارا أو اختيارا . ( وقال ) : أي سهل ( ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منخلا ) بضمتين ويفتح فاؤه ما ينخل به ( من حين " ابتعثه الله حتى قبضه الله تعالى ) : أي إلى أن فارق الدنيا واختار العقبى والملأ الأعلى وحضرة المولى ( قال : كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول ) حال ( قال : كنا نطحنه ) بفتح الحاء في القاموس : طحنه كمنع وطحنه جعله دقيقا ( وننفخه ) : بضم الفاء أي نطيره إلى الهواء بأيدينا أو بأفواهنا ( فيطير ما طار ) : أي يذهب منه ما ذهب من النخالة وما فيه خفة ( ومما بقي ) : أي مما فيه رزانة كالدقيق ثرينا ، ) : بتشديد الراء أي عجناه وخبزناه ، وقيل : بللناه بالماء من ثرى التراب تثرية أي رش عليه ، والمعنى أنه جعلناه مرقا وطبخناه ( فأكلناه ) : وفي هذا بيان تركه - صلى الله عليه وسلم - رسم التكلف والاهتمام بشأن الطعام ، فإنه لا يعتني به إلا أهل الحماقة والغفلة والبطالة ( رواه البخاري ) : وكذا النسائي ، وفي الشمائل للترمذي ، عن سهل بن سعد ، أنه قيل له : " أكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النقي يعني الحوارى ؟ ، فقال سهل : ما رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النقي حتى لقي الله عز وجل ، فقيل له : هل كانت لكم مناخل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : ما كانت لنا مناخل . فقيل : كيف كنتم تصنعون بالشعير ؟ قال : كنا ننفخه فيطير منه ما طار ثم نعجنه .




الخدمات العلمية