الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1898 - وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة وفي بضع أحدكم صدقة " قالوا " يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : " أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " رواه مسلم .

التالي السابق


1898 - ( وعن أبي ذر قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة " ) بالرفع على المبتدأ والخبر " صدقة " قال النووي : روي صدقة بالرفع على الاستئناف وبالنصب عطف على اسم إن ، وعلى النصب يكون كل تكبيرة مجرورا فيكون من العطف على عاملين مختلفين فإن الواو قامت مقام الباء اهـ . وكذا قوله " وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة " إلخ ، قال الطيبي : جعل هذه الأمور صدقة تشبيها لها بالمال في إثبات الجزاء وعلى المشاكلة ، وقيل : إنها صدقة على نفسه " وأمر بالمعروف صدقة " أسقط المضاف هنا اعتمادا على ما سبق ، ذكره الطيبي " ونهي عن منكر " وفي نسخة بصيغة المنكر " صدقة " أي : صدقة على صاحب النصيحة وإرادة المنفعة سواء قبلها أم لا " وفي بضع أحدكم " بضم الموحدة الفرج أي : في مجامعة أحدكم حلاله " صدقة " وقال الطيبي : البضع الجماع وفي إعادة الظرف دلالة على أن الباء في قوله إن بكل تسبيحة صدقة ثابتة وهي بمعنى في ، وإن نزعت من بعض النسخ ، وإنما أعيدت لأن هذا النوع من الصدقة أغرب ، وقال ابن الملك : وإنما لم يقل ببضع أحدكم إشارة إلى أنه إنما يكون صدقة إذا نوى فيه عفاف نفسه أو زوجته أو حصول ولد صالح اهـ . وهو كذلك في نفس الأمر لكن الإشارة غير ظاهرة ولعدم ظهور هذا المعنى " قالوا " أي : بعض الصحابة ( يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ) أي : أيقضيها ويفعلها ( ويكون له فيها أجر ) والأجر غير معروف في المباح ( " قال " ) : " أرأيتم " أي : أخبروني " لو وضعها " أي : شهوة بضعه " في حرام أكان عليه فيه " أي : في الوضع " وزر ؟ " قال الطيبي : أقحم همزة الاستفهام على سبيل التقرير بين لو وجوابها تأكيدا للاستخبار في أرأيتم " فكذلك " أي : فعلى ذلك القياس " إذا وضعها في الحلال " وعدل عن الحرام مع أن النفس تميل إليه وتستلذ به أكثر من الحلال ، فإن لكل جديد لذة ، والنفس بالطبع إليها أميل والشيطان إلى مساعدتها أقبل والمؤنة فيها عادة أقل " كان له أجر " وفي نسخة أجرا بالنصب ، فالأجر ليس في نفس قضاء الشهوة بل في وضعها في موضعها كالمبادرة إلى الإفطار في العيد وكأكل السحور وغيرهما من الشهوات النفسية الموافقة للأمور الشرعية ، ولذا قيل : الهوى إذا صادف الهدى فهو كالزبدة مع العسل ويشير إليه قوله - تعالى - ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله هذا ما سنح لي وخطر ببالي والله أعلم ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية