الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1867 - وعن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله ، أي الصدقة أعظم أجرا ؟ قال : " أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى

ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان
" . متفق عليه .

التالي السابق


1867 - ( وعن أبي هريرة قال : قال رجل : يا رسول الله أي الصدقة ) أي أنواعها ( أعظم أجرا ؟ ) أي : أجزل ثوابا وأكمل مآبا ( قال : أن تصدق ) بتخفيف الصاد على حذف إحدى التاءين ، وقيل بتشديدها على الإبدال والإدغام ( وأنت صحيح شحيح ) والمعنى أفضلها صدقتك ، والجملة حال ، أي : وهو أن تصدق وأنت في حال صحتك واختصاص المال بك وشح نفسك ، وذلك أشد مراغمة لنفسك ، كذا ذكره الطيبي ، وقال ابن الملك : قوله شحيح تأكيد وبيان للصحيح ؛ لأن الرجل في حال صحته يكون شحيحا ( تخشى الفقر ) خبر بعد خبر أو حال بعد حال أو استئناف بيان ، أي : تقول في نفسك لا تتلف مالك كيلا تصير فقيرا فتحتاج إلى الناس ( وتأمل الغنى ) [ ص: 1322 ] بضم الميم بمعنى تطمع وترجو أي : وتقول اترك مالك في بيتك لتكون غنيا ويكون لك عز عند الناس بسبب غناك ( ولا تمهل ) بالنصب عطفا على أن تصدق ويجوز الجزم على أن لا للنهي أي : ولا تؤخر الصدقة أو ولا تمهل نفسك ( حتى إذا بلغت الحلقوم ) والمراد أن تقرب الروح بلوغ الحلقوم ( قلت ) لورثتك ( ولفلان ) أي : لأجل فلان وهو كناية عن الموصى له ( كذا ) إشارة إلى الموصى به ( ولفلان ) أي : لغيره ( كذا ) أي من المال بالوصية ، والتكرير يفيد التكثير ، والجملة مبتدأ وخبر ، وقال ابن حجر : أي أوصيت لفلان كذا فيحتاج أن يقول بكذا ، والمعنى أنك حينئذ تصرف المال إلى الخيرات ( وقد كان لفلان ) قيل : جملة حالية أي : وقد صار المال الذي تتصرف فيه في هذه الحالة ثلثاه حقا للوارث وأنت تتصدق بجميعه فكيف يقبل منك ؟ وقال الطيبي : قيل : إشارة إلى المنع عن الوصية لتعلق حق الوارث أي : وقد كان لفلان الوارث اهـ . ويمكن أن يقال : معناه وكان ، أي : عندكم لفلان كذا من المال فيكون الذم على الإمهال إلى تلك الحال ، فإن فعل الخير في حال الصحة عمل أرباب الكمال ، ورد الحقوق لا ينبغي فيه الإهمال لأن الخطر كثير في المال ويدل عليه صدر هذا الحديث ، والحديث الثاني في الفصل الثاني ( متفق عليه ) .




الخدمات العلمية