الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1601 - وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " . فقالت عائشة أو بعض أزواجه : إنا لنكره الموت . قال : " ليس ذلك ، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته ، فليس شيء أحب إليه مما أمامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه ، وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته ، فليس شيءأكره إليه مما أمامه فكره لقاء الله ، وكره الله لقاءه " . متفق عليه .

التالي السابق


1601 - ( وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من أحب لقاء الله قال الأشرف : الحب هنا هو الذي يقتضيه الإيمان بالله ، والثقة بوعده ، دون ما يقتضيه حكم الجبلة . وفي النهاية : المراد باللقاء المصير إلى دار الآخرة ، وطلب ما عند الله . ( أحب الله لقاءه ) ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه قال الطيبـي : وليس الغرض بلقاء الموت ; لأن كلا يكرهه ، فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ، ومن آثرها وركن إليه كره لقاء الله ; لأنه يصل إليه بالموت ، والموت دون لقاء الله ، وبه تبين أن الموت غير اللقاء لكنه معترض دون الغرض المطلوب فيجب أن يصبر عليه ، ويتحمل مشاقه ; ليصل بعده بالفور إلى اللقاء . قال ابن الملك : وهذا على أنه تعالى لا يرى في الدليل اليقظة عند الموت ولا قبله ، وعليه الإجماع . ( فقالت عائشة أو بعض أزواجه ) شك من الراوي ( إنا ) أي : كلنا معشر بني آدم . ( لنكره الموت ) أي : بحسب الطبع ، وخوفا مما بعده . ( قال : ليس ذاك ) بكسر الكاف وفي نسخة بفتحها ، أي : فليس الأمر كما ظننت يا عائشة ، إذ ليس كراهة المؤمن الموت لخوف شدته كراهة لقاء الله ، بل تلك الكراهة هي كراهة الموت الإيثار الدنيا على الآخرة ، والركون إلى الحظوظ العاجلة إذا بشر بعذاب الله وعقوبته عند حضور الموت . ( ولكن المؤمن ) بالتشديد ويخفف . ( إذا حضره الموت ) أي : علامته ، أو وقته ، أو ملائكته . ( بشر برضوان الله ) بكسر الراء وضمها . ( وكرامته ) قال تعالى : إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة الآيات الثلاث . ( فليس شيء ) أي : من الدنيا زينتها حينئذ . ( أحب إليه ) أي : إلى المؤمن . ( مما أمامه ) أي : قدامه من المنزلة والكرامة عند الله . ( فأحب لقاء الله ) أي : بالضرورة ، أي : طمعا للحسنى وزيادة . ( وأحب الله لقاءه ) بالمحبة السابقة الأزلية التي أوجبت محبة العبد له تعالى كما قال : يحبهم ويحبونه . ( وإن الكافر إذا حضر ) على بناء المفعول أي : حضره الموت ، أو ملائكة العذاب ، وأنواعه ، ولعل حكمة البناء للمجهول هنا زيادة التهويل بحذف الفاعل ; ليشمل جميع ما ذكره وغيره . ( بشر ) فيه تهكم نحو فبشرهم بعذاب أليم ، أو مشاكلة للمقابلة ، أو أريد المعنى اللغوي أي : أخبر . ( بعذاب الله ) له في القبر . ( وعقوبته ) وهي أشد العذاب في النار . وأبعد [ ص: 1158 ] ابن حجر فقال : إطناب لمزيد التهويل ، أو المراد بأحدهما الغضب ، وبالآخر العذاب . ( فليس شيء ) أي : يومئذ . ( أكره إليه مما أمامه ) أي : قدامه . ( فكره لقاء الله وكره الله لقاءه ) قال ابن الملك : معناه يبعد عن رحمته ومزيد نعمته . ( متفق عليه ) قال ميرك : القطعة الأولى من الحديث إلى قوله : " كره الله لقاءه " متفق عليه ، من حديث عبادة ، ورواها الترمذي ، والنسائي أيضا ، ومن قوله : فقالت عائشة إلخ من أفراد البخاري من حديث عبادة ، نعم أخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة مرفوعا : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه " فقالت : يا نبي الله ، أكراهية الموت ؟ فكلنا نكره الموت . قال : " ليس كذلك ، ولكن المؤمن " فذكره بأولى أن يقول المصنف في أول الحديث عن عائشة حتى يحسن في آخره قوله : متفق عليه .



الخدمات العلمية