الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1165 - وعن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " صلوا قبل صلاة المغرب ركعتين " ، قال في الثالثة : " لمن شاء " كراهية أن يتخذها الناس سنة . متفق عليه .

التالي السابق


1165 - ( وعن عبد الله بن مغفل قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " صلوا قبل صلاة المغرب " ) ، أي : ركعتين . كما في رواية صحيحة ، وكرر ذلك ثلاثا ، قال محيي الدين : فيه استحباب ركعتين بين الغروب وصلاة المغرب ، أو بين الأذان والإقامة لما ورد : بين كل أذانين صلاة .

وفيها وجهان : أشهرهما لا يستحب ، والأصح يستحب للأحاديث الواردة فيه ، وعليه السلف من الصحابة والتابعين ، والخلف ، كأحمد وإسحاق ، ولم يستحبها الخلفاء الراشدون ، ومالك وأكثر الفقهاء . قلت : وإمامهم أبو حنيفة قال : وذلك لما يلزم من تأخير المغرب عن وقته ، أي : عن وقته الحقيقي عند مالك وبعض الشافعية ، وعن وقته المختار عند الجمهور . ( قال في الثالثة ) ، أي : عقبها ( " لمن شاء " ) ، أي : ذلك الأمر لمن شاء ، قاله الطيبي . ( كراهية ) ، أي : علة لقال ، أي : مخافة ( أن يتخذها الناس سنة ) .

قال الطيبي : فيه دليل على أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم محمول على الوجوب حتى يقوم دليل غيره ، ويوضحه قول ابن حجر : سنة ، أي : عزيمة لازمة متمسكين بقوله : ( صلوا ) فإنه أمر ، والأمر للوجوب فتعليقه بالمشيئة يدفع حمله على حقيقته فيكون مندوبا ، وقال ابن الملك قوله : سنة ، أي فريضة إذ قد يطلق عليها كقولهم : الختان سنة ، قال بعضهم : كان هذا في أول الإسلام ليعرف به خروج الوقت المنهي ، ثم أمروا بعد ذلك بتعجيل المغرب ، وسئل ابن عمر عن الركعتين قبل المغرب ؟ فقال : ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما ، وقال النخعي : إنها بدعة . اهـ .

وأما ما نقل في تصحيح ابن حبان خبر أنه - عليه السلام - فعلهما ، فيمكن حمله على أول الأمر ، أو على بيان الجواز ، أو على خصائصه . وخبر الشيخين : بين كل أذانين صلاة ، مطلق قابل للتقييد بما عدا المغرب ، وكذا حديث أنس في مسلم : إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يبتدرون السواري لهما ، مع أن المنفي المحصور مقدم على الإثبات المذكور ، والحق أن الخلاف لفظي ; لأن الإثبات محمول على الابتداء ، والنفي على الانتهاء ، ومن أراد تحقيق هذا المرام ، فعليه شرح الهداية لابن الهمام ، فإن الكلام عنده على وجه التمام . ( متفق عليه ) .

[ ص: 893 ]



الخدمات العلمية