الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
943 - وعن عامر بن سعد ، عن أبيه - رضي الله عنه - قال : كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى أرى بياض خده ، رواه مسلم .

التالي السابق


943 - ( وعن عامر بن سعد ، عن أبيه ، قال : كنت أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يمينه ) ، أي : أولا ( وعن يساره ) ، أي : ثانيا ( حتى أرى بياض خده ) ، أي : صفحة وجهه ، وهو كذا بصيغة الإفراد في النسخ المصححة ، وجعل ابن حجر خديه بصيغة التثنية أصلا ، ثم قال : وفي نسخة : " خده " ، ولا تخالف بينهما ; لأن معنى الأول حتى أرى بياض خده الأيمن في الأولى ، والأيسر في الثانية ، بدليل حديث ابن مسعود الآتي : كان صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله ، حتى يرى خده الأيمن ، وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله حتى يرى بياض خده الأيسر اهـ .

ولا خفاء في أن المطابقة بينهما على صيغة الإفراد ظاهرة لا تحتاج إلى تأويل ، بخلاف صيغة التثنية مع إيهام التثنية فإنه يسن أن يرى في كل منهما خده لا خداه ، ثم لا دلالة في الحديث على أن السلام ركن من أركان الصلاة لا تصح إلا به على ما ذكره ابن حجر ثم قال : وأما قول ابن مسعود : إنه عليه الصلاة والسلام لما علمه التشهد قال له : " إذا قلت هذا فقد قضيت صلاتك ، إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد " ، رواه أبو داود ، فإن ابن مسعود هو القائل إن شئت . . . ، إلخ باتفاق الحفاظ .

قلت : على تقدير التسليم فما قبله حجة بالاتفاق ، مع أن هذا الموقوف في حكم المرفوع ، وأما قول ابن حجر : وإن سلم أنه من الحديث فمعنى قضيت قاربت أو قضيت معظمها - فمناقض لأول كلامه ، لأنه تحقق من قوله : إن ما قيل إن شئت مرفوع بلا خلاف ، والتأويل الذي ذكره بعيد مع عدم الموجب لذلك ، ثم قال : وأما خبر : " إذا رفع الإمام رأسه من آخر ركعة وقعد ، ثم أحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته " فضعيف ، وإن صح فحمل على ما بعد التسليمة الأولى .

قلت : هو صحيح ويأبى قوله قبل أن يتكلم على ما ذكره مع ما فيه من البعد ، على أنه جاء صريحا في خبر : إذا أحدث وقد قعد في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته ، وفي خبر آخر : إذا جلس قدر التشهد ، ثم أحدث فقد تمت صلاته ، وله طرق أخرى ذكرها الطحاوي وغيره ترتقي إلى حد الحسن ، ويدل على قوة أصله تعلق المجتهد به ، ولا يضر حصول الضعف الطارئ بعده ، فقول ابن حجر : وهما ضعيفان باتفاق الحفاظ مجرد دعوى بلا دليل ، هذا وروي الاقتصار على تسليمة واحدة من طرق ، وكذا ، الإتيان بتسليمتين ، وحمل الأول على بيان الجواز ، أو على اقتصار الراوي ، وفي خبر عائشة الاقتصار على تسليمة واحدة تلقاء وجهه ، وصححه ابن حبان ، والحاكم ، لكن ضعفه جماعة آخرون ، ويروى : ( حتى يرى ) ، مجهولا قاله ابن الملك ، وقال الأبهري : أي وجنته الخالية عن الشعر ، وكان مشربا بالحمرة ، رزقنا الله تعالى لقاءه ، كذا في الأصل مكررا ولعله قصد لقاء الصحابي ولقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولقاءه ، ( رواه مسلم ) : قال ميرك : ورواه النسائي .




الخدمات العلمية