الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
845 - وعن وائل بن حجر رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، فقال : آمين ، مد بها صوته ، رواه الترمذي ، وأبو داود ، والدارمي ، وابن ماجه .

التالي السابق


845 - ( وعن وائل بن حجر ) : بتقديم الحاء المضمومة على الجيم الساكنة ( قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ : غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : آمين يمد بها ) ، أي : بالكلمة يعني في آخرها ، وهو مد عارض ، ويجوز فيه الطول والتوسط والقصر ، أو مد بألفها فإنه يجوز قصرها ومدها ، وهو مد البدل ، ويجوز فيه الأوجه الثلاثة أيضا ( صوته ) : ولا يلزم من سماع صوته الجهر كما لا يخفى ، ويحمل على التعليم والجواز ، ( رواه الترمذي ) : وقال : حسن ، ورواه شعبة وقال : خفض بها صوته ، واتفق الحفاظ على غلطه فيها ، وأن الصواب المعروف مد ورفع بها صوته . قاله ميرك ، وفيه ما فيه ، ( وأبو داود ، والدارمي وابن ماجه ) : قال ميرك : رواية مد بها صوته رواها الترمذي ، وأحمد ، وابن أبي شيبة ، ورواية رفع بها صوته رواها أبو داود اهـ ، وكأنه نقل بالمعنى ، قال ابن حجر : وفي رواية ابن ماجه : أمن حتى سمع من يليه من الصف الأول فيرتج بها المسجد ، وروى البيهقي ، وابن حبان في ثقاته عن عطاء قال : أدركت مائتين من الصحابة ، إذا قال الإمام : ولا الضالين رفعوا أصواتهم بآمين اهـ .

وحمل أئمتنا ما ورد من رفع الصوت على أول الأمر للتعليم ، ثم لما استقر الأمر عمل بالإخفاء والله أعلم ، قال ابن حجر : وروى البيهقي مرفوعا : حسدنا اليهود على القبلة التي هدينا إليها وضلوا عنها وعلى الجماعة ، وعلى قولنا خلف الإمام آمين ، وفي رواية للطبراني : إنهم لم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث : رد السلام وإقامة الصفوف ، وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة آمين ، وفي أخرى لابن عدي : حسدوكم على إفشاء السلام ، وإقامة الصف ، وآمين .

قال ابن الهمام : روى أحمد ، وأبو يعلى ، والطبراني ، والدارقطني ، والحاكم في المستدرك من حديث شعبة ، عن علقمة بن وائل ، عن أبيه أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : " آمين " وأخفى بها صوته ، ورواه أبو داود والترمذي وغيرهما من حديث سفيان ، عن وائل بن حجر ، وذكر الحديث وفيه : ورفع بها صوته ، فقد خالف سفيان شعبة في الرفع ، ولما اختلف في الحديث عدل صاحب الهداية إلى ما عن ابن مسعود أنه كان يخفي ، فإنه يؤيده أن المعلوم منه عليه السلام الإخفاء ، قلت : مع أن الأصل في الدعاء الإخفاء لقوله تعالى : ادعوا ربكم تضرعا وخفية شك أن آمين دعاء ، فعند التعارض يرجح الإخفاء بذلك ، وبالقياس على سائر الأذكار والأدعية ؛ ولأن آمين ليس من القرآن إجماعا ، فلا ينبغي أن يكون على صوت القرآن ، كما أنه لا يجوز كتابته في المصحف ؛ ولهذا أجمعوا على إخفاء التعوذ لكونه من القرآن ، والخلاف في الجهر بالبسملة مبني على أنه من القرآن أم لا .




الخدمات العلمية