الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
6133 - وعن علي - رضي الله عنه - قال : قيل : يا رسول الله : من نؤمر بعدك ؟ قال : إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة ، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم ، وإن تؤمروا عليا - ولا أراكم فاعلين - تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم " . رواه أحمد .

التالي السابق


6133 - ( وعن علي - رضي الله عنه - قال : قيل : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نؤمر ) : بضم نون وفتح همزة وكسر ميم مشددة فراء أي من نجعله أميرا علينا ( بعدك ) أي بعد موتك ، وفي نسخة صحيحة بالتاء الفوقية بدل النون أي من تجعله أميرا علينا بعدك ، ويؤيد الأول قوله : ( قال : " إن تؤمروا أبا بكر تجدوه أمينا " ) ، أي : دينا لا يحكم إلا بالأمانة وعلى وجه العدالة ( " زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة " ) ، فيه إشعار إلى أن الخليفة ينبغي أن يكون بهذه الصفة ليتم الإخلاص .

[ ص: 3961 ] الموجب للخلاص ، وفي رواية تجدوه مسلما أمينا . وفي رواية : تجدوه قويا في أمر الله ضعيفا في نفسه ، ( " وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا " ) ، أي : قادرا على حمل ثقل أعباء الإمارة ( " أمينا " ) ، أي : لا تجيء منه الخيانة ( " لا يخاف في الله لومة لائم " ) ، أي لا يراعي أحدا في أمر الدين ، والمعنى أنه صلب في الدين إذا شرع في أمر من أموره لا يخاف إنكار منكر ، ومضى فيه كالمسمار المحمى لا يزعه قول قائل ، ولا اعتراض معترض ، ولا لومة لائم يشق عليه جده ، واللومة المرة من اللوم ، وفيها وفي التنكير مبالغتان كأنه قيل : لا يخاف شيئا قط من قوم من لوم أحد من اللوام ، وفي رواية تجدوه قويا في أمر الله قويا في نفسه . ( " وإن تؤمروا عليا ولا أراكم " ) : بضم الهمزة أي والحال أني لا أظنكم ( " فاعلين " ) ، أي : التأمير له بلا خلاف حال خلافته ( " تجدوه هاديا " ) ، أي : مرشدا مكملا ( " مهديا " ) ، بفتح ميم وتشديد تحتية أي مهتديا كاملا ( " لأخذ بكم الطريق المستقيم " ) . قال الطيبي رحمه الله : يعني : الأمر مفوض إليكم أيها الأمة لأنكم أمناء مجتهدون مصيبون في الاجتهاد ، ولا تجتمعون إلا على الحق الصرف ، وهؤلاء المذكورون كالحلقة المفرغة لا يدري أيهم أفضل فيما يدلى إليه مما يستحق به الإمارة . قيل : وفي تقديم أبي بكر إيماء إلى تقدمه ، ولم يذكر عثمان صريحا لكن في قوله : ( ولا أراكم ) إشارة إلى أنه المتقدم على علي ثم أبعد من قال قوله : ولا أراكم فاعلين متعلق بإمارة عمر وعلي - رضي الله عنهما - نعم يمكن أن يقال المعنى لا أراكم فاعلين تأمير علي مقدما على كلهم لما علم من قضاء الله وقدره أن عمر علي أطول من أعمارهم ، فلو قدم لفاتهم الخلافة مع أنه كتب لهم الخلافة أيضا ، فيتعين أنكم غير فاعلين ، فالظن بمعنى اليقين والله أعلم وهو الموفق والمعين . ( رواه أحمد ) . وعن حذيفة قال : قالوا يا رسول الله ألا تستخلف ؟ قال : " لا ، إني إن استخلفت عليكم فعصيتم خليفتي نزل العذاب " . قالوا : ألا نستخلف أبا بكر ؟ قال : " إن تستخلفوه تجدوه قويا في أمر الله ضعيفا في نفسه " قالوا : ألا نستخلف عمر ؟ قال : " إن تستخلفوه تجدوه قويا في أمر الله قويا في بدنه " . قالوا : ألا تستخلف عليا ؟ قال : " إن تستخلفوه تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق المستقيم " خرجه ابن السمان .




الخدمات العلمية