الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5983 - وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنهما - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا يزال الإسلام عزيزا إلى اثني عشر خليفة ، كلهم من قريش ) . وفي رواية : ( لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا كلهم من قريش ) . وفي رواية : ( لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ، يكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) . متفق عليه .

التالي السابق


5983 - ( وعن جابر بن سمرة قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ( لا يزال الإسلام عزيزا ) أي : قويا شديدا أو مستقيما سديدا إلى اثني عشر خليفة ، قال الطيبي : إلى ها هنا نحو حتى في الرواية الأخرى ; لأن التقدير لا يزال الدين قائما حتى يكون عليهم اثنا عشر خليفة في أن ما بعدها داخل فيما قبلها . الكشاف في قوله تعالى : فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق إلى تفيد معنى الغاية مطلقا . فأما دخولها في الحكم وخروجها ، فأمر يدور مع الدليل ، فمما فيه دليل على الخروج قوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل لأنه لو دخل الليل لوجب الوصال ، ومما فيه دليل على الدخول قولك : حفظت القرآن من أوله إلى آخره لأن الكلام مسوق لحفظ القرآن كله . ( كلهم من قريش ) : قال بعض المحققين : قد مضى منهم الخلفاء الأربعة ، ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة ، وقيل : إنهم يكونوا في زمان واحد يفترق الناس عليهم . وقال التوربشتي : السبيل في هذا الحديث وما يعتقبه في هذا المعنى أن يحمل على المقسطين منهم ، فإنهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة ، ولا يلزم أن يكونوا على الولاء ، وإن قدر أنهم على الولاء ، فإن المراد منه المسمون بها على المجاز .

وفي ( شرح مسلم ) للنووي قال القاضي عياض : توجه هنا سؤال ، وهو أنه قد جاء : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، ثم تكون ملكا عضوضا ، وهو مخالف لهذا الحديث . وأجيب : بأن المراد بثلاثين سنة خلافة النبوة ، وقد جاء مفسرا في بعض الروايات : خلافة النبوة بعدي ثلاثين سنة ، ثم يكون ملكا ، ولم يشترط هذا في الإثني عشر ، وقيل : المراد باثني عشر أن يكونوا مستحقي الخلافة من العادلين ، وقد مضى منهم من علم ، ولا بد من تمام هذا العدد قبل قيام الساعة .

قلت : وقد حمل الشيعة الإثني عشر على أنهم من أهل بيت النبوة متوالية أعم من أن تكون لهم خلافة حقيقة أو استحقاقا ، فأولهم علي ، فالحسن ، فالحسين ، فزين العابدين ، فمحمد الباقر ، فجعفر الصادق ، فموسى الكاظم ، فعلي الرضا ، فمحمد التقي ، فعلي التقي ، فحسن العسكري ، فمحمد المهدي - رضوان الله عليهم أجمعين - على ما ذكره زبدة الأولياء خواجه محمد يارسا في كتاب ( فصل الخطاب ) مفصلة ، وتبعه مولانا نور الدين عبد الرحمن الجامي في أواخر شواهد النبوة ، وذكر فضائلهم ومناقبهم وكراماتهم ومقاماتهم مجملة ، وفيه رد على الروافض حيث يظنون بأهل السنة أنهم يبغضون أهل البيت لاعتقادهم الفاسد ووهمهم الكاسد ، وإلا فأهل الحق يحمون جميع الصحابة ، وكل أهل البيت لا كالخوارج الأعداء لأهل بيت النبوة ولا كالروافض المعادين لجمهور الصحابة وأكابر الأمة .

وفي رواية ( لا يزال الناس ) أي : أمر دينهم ( ماضيا ) أي : جاريا مستمرا على الصواب والحق ( ما وليهم ) أي : مدة ما تولى أمرهم ( اثنا عشر رجلا كلهم في قريش ) وفي رواية : ( لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة أو ) : أو بمعنى الواو لمطلق الجمع أي و ( حتى يكون عليهم ) أي : على الناس متوليا ( اثنا عشر خليفة كلهم من قريش ) متفق عليه .




الخدمات العلمية