الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5779 - وعن جابر بن سمرة ، رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط مقدم رأسه ولحيته ، وكان إذا ادهن لم يتبين ، وإذا شعث رأسه تبين ، وكان كثير شعر اللحية ، فقال رجل : وجهه مثل السيف ؟ قال : لا بل كان مثل الشمس والقمر ، وكان مستديرا ، ورأيت الخاتم عند كتفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده ، رواه مسلم .

التالي السابق


5779 - ( وعن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد شمط ) : بكسر الميم أي : شاب ( مقدم رأسه ولحيته ) : ففي المغرب شمط بالكسر إذا ابيض شعر رأسه يخالط سواده ، والوصف أشمط ، وبالفارسية دوموي ، فالمعنى ظهر الشيب في شعر رأسه ولحيته ( وكان ) أي : هو أو شيبه ( إذا ادهن ) : بتشديد الدال أي : استعمل الدهن ( لم يتبين ) ، أي : لم يظهر الشيب ( وإذا شعث ) : بكسر العين أي : تفرق ( رأسه ) أي : شعره تبين ) ، أي : ظهر بعض الشيب قال الطيبي : دل هذا على أنه عند الادهان يجمع شعر رأسه ويضم بعضه إلى بعض ، وكانت الشعيرات البيض من قلتها لا تتبين ، فإذا شعث رأسه تبين . أقول : والأظهر أن شعث الرأس كناية عن عدم الادهان ، ويدل عليه ما رواه الترمذي عن جابر بن سمرة أيضا ، سئل عن شيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : كان إذا ادهن رأسه لم ير منه شيب ، فإن لم يدهن رئي منه ، وقد روى الترمذي عن ابن عمر قال : إنما كان شيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحوا من عشرين شعرة بيضاء . ( وكان كثير شعر اللحية ) ، أي : كثيفها لا خفيفها ، والمراد أنه لم يكن كوسجا ( فقال رجل : وجهه مثل السيف ) ؟ يعني في البريق واللمعان ، لكن لما كان يوهم الطول أيضا ( قال ) أي : جابر ( لا بل كان ) أي : وجهه ( مثل الشمس والقمر ) ، أي : في قوة الضياء وكثرة النور ، ويمكن أن يكون الاستفهام مقدرا ، فالتقدير : وجهه مثل السيف ؟ فقال : لا ، إلخ . ثم قال تتميما للمبنى وتعميما للمعنى ( وكان ) أي : وجهه ( مستديرا ) أي : مائلا إلى التدوير ، إذ ورد في شمائله أنه لم يكن مكلثم الوجه . قال الطيبي : رواه الراوي ردا بليغا حيث شبهه بالسيف الصقيل ، ولما لم يكن الوجه شاملا للطرفين ، قاصرا عن تمام المراد من الاستدارة والإشراق الكامل والملاحة . قال : لا بل كان مثل الشمس في نهاية الإشراق والقمر في الحسن والملاحة ، ولما لم يفهم منه الاستدارة عرفا قال : وكان مستديرا بيانا للمراد فيهما . ( ورأيت الخاتم ) : بفتح التاء ويكسر ؟ ، خاتم النبوة ( عند كتفه مثل بيضة الحمامة ) أي : مدورا ( يشبه ) أي : لونه ( جسده ) . أي : لون سائر أعضائه ، والمعنى لم يخالف لونه بشرته ، وفيه نفي البرص ( رواه مسلم ) . وفي الجامع : مكان خاتم النبوة في ظهره ، بضعة ناشزة أي : قطعة لحم مرتفعة عن الجسم . رواه الترمذي في الشمائل عن أبي سعيد . وفي رواية للترمذي عن جابر بن سمرة : كان خاتمه غدة حمراء مثل بيضة الحمامة ، وقد جمعت غالب طرق ألفاظ الحديث ، وبينت مبانيه ، وأوضحت معانيه في شرح الشمائل .




الخدمات العلمية